انعقدت خلال شهري فيفري ومارس لقاءات حوار
وتفكير في العمل الإعلامي داخل مؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسية ووكالة تونس
افريقيا للأنباء، والتأمت هذه اللقاءات برئاسة و مشاركة وزير الاعلام و بمشاركة
مكثفة من صحافيي المؤسستين و اطاراتها. وقد تركّزت الأعمال على محورين:
·
تقييم الوضع الإعلامي الحالي
·
ضبط تصوّر للعمل الإعلامي تتفق عليه كلمة كل المنتسبين
الى المؤسستين ويكون بمثابة ميثاق عمل بينهم.
الإذاعة والتلفزة التونسية ووكالة تونس افريقيا للأنباء: وثيقة عمل صادرة عن لقاءات التفكير والحوار في العمل الإعلامي (فيفري-مارس 1982).انعقدت خلال شهري فيفري
ومارس لقاءات حوار وتفكير في العمل الإعلامي داخل مؤسستي الإذاعة والتلفزة
التونسية ووكالة تونس افريقيا للأنباء، والتأمت هذه اللقاءات برئاسة ومشاركة
وزير الاعلام و بمشاركة مكثفة من صحافيي المؤسستين و اطاراتها. وقد تركّزت الأعمال
على محورين: · تقييم الوضع
الإعلامي الحالي · ضبط تصوّر للعمل الإعلامي تتفق عليه كلمة كل المنتسبين الى المؤسستين ويكون بمثابة ميثاق عمل بينهم. تقييم الوضع الإعلامي الحالي:أفضى التقييم الجماعي الذي
قام به الصحافيون للعمل الإعلامي، كما يمارس حاليا في المؤسستين، إلى إبراز
النقاط التالية: -إن الاعلام في المؤسستين،
رغم التطور النسبي الذي سجّله، لا يخدم الأهداف السياسية التي تطلب عادة من
الاعلام، ويرجع هذا الوضع الى الأسباب التالية: 1)أسباب تتعلّق بتصوّر مفهوم الاعلام وأهمها:وجود تصوّر للإعلام يجعل
الاعلام لا يغطي الحدث ولا الظواهر السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد،
بل يركّز على الشخص المشرف على الحدث، مما يؤدي أحيانا الى حشر الاعلام في ضرب
من التظاهرات البروتوكولية، وهو ما ينعكس في النهاية على مصداقية الأخبار، وعلى
العلاقة بين الاعلام ومشاغل الناس واهتماماتهم اليومية، ومن نتائج ذلك أن فقد
الاعلام من مميزاته الأساسية، فصار التأخير في تقديم الخبر هو القاعدة الغالبة،
والديباجة هي الصفة الأسلوبية الطاغية، والاطالة المملة هي المحبذة. واستاء الصحافيون من استفحال
عنصر المداخلة الخارجية في العمل الإعلامي، ولاحظوا تفاقم التدخل، حتى في تحديد
نوعية الخدمة الإعلامية من حيث محتواها ومن حيث أوقات بثّها. وطالبوا بوجوب خضوع الاعلام في المؤسستين، لتقييم أهل المهنة، وشروط العمل الصحفي السليم. 2)أسباب تتصل بالمحتوى:من أسباب ضعف العمل الإعلامي حاليا، بعد الخبر من حيث محتواه، عن مشاغل المواطن و اهتماماته اليومية، و هذه الظاهرة راجعة الى تشخيص الاعلام، و لها محاذر منها أن المواطن التونسي يتعامل مع عشرين عنوان سياسي في البلاد، فالمعدّل اليومي من نسخ الجرائد التونسية التي تروج في السوق لا يقل حاليا من 200 ألف نسخة يوميا، و هي في أغلبيتها الساحقة، مركزة على شؤون و قضايا تستأثر باهتمام المواطن و تسترعي انتباهه. لذلك رأى الحاضرون أنه لا بد من مراجعة لمحتوى الاعلام في الإذاعة و التلفزة و في الوكالة، على أساس التوسيع في الاهتمامات، وعدم الاقتصار على النشاط السياسي اليومي، و الخروج بالإعلام إلى أفق أوسع يجعله شاملا لمجمل مظاهر الحياة القومية، بما يطفو على ساحاتها من اهتمامات، و تجنّب كل إعلام فاقد لمحتوى اخباري، كبرقيات التعزية و الشكر و مقابلات المجاملة و التركيز بالمقابل على جلسات العمل و اتفاقات التعاون. الدور الرسمي والقومي للمؤسستين:فيما يتعلّق بتحديد خصوصية
المؤسستين المعنيتين والتساؤل عن طبيعة الاعلام و ميزاتها في كل من الوكالة
والإذاعة و التلفزة، و تحديد العلاقة بين الصحفي و بين المؤسستين المعنيتين،
كانت الاستنتاجات المستخلصة من مناقشة هذه النقطة، هي أن الوكالة و الإذاعة و
التلفزة، مؤسستان حكوميتان و قوميتان في نفس الوقت. وباعتبار هذا التعريف فان
للمؤسستين الوظائف التالية: 1)خدمة الخط العام لسياسة
الحكومة بطريقة ذكية، تكفل قاعدة الاتصال مع ما يستوجبه ذلك من مواكبة النشاط
الحكومي، وبث البيانات الحكومية، أو ما يستوجبه بصورة عامة من خدمة للاختيارات
الحكومية العامة. 2)باعتبار الطابع القومي
للمؤسستين، فان الوكالة والإذاعة مطالبتان بالتفاعل مع الواقع التونسي، وعدم
تجاهل هذا الواقع، ذلك بالعناية بشواغل المواطنين والتحاور معهم حوارا يتفق مع
ما أدركه المجتمع من نضج. ومن هنا وجب أن لا يقع
التأثر في رسم الخط الإعلامي للمؤسستين بأوضاع إعلامية في العالم العربي أو في
اروبا، بل المهم هو العمل على تحديد هذا الخط و الاستناد الى مرجع وحيد هو
المجتمع التونسي بكل المعطيات الثقافية و الفكرية و السياسية التي تكتنف هذا
المجتمع مع الالتزام بأخلاقية الألفة الوطنية و الابتعاد عن كل ما يفرّق بين
المنتسبين الى المهنة الصحافية، أو بين أطراف المجتمع، و كان الاستنتاج الأخير
لمناقشة هذه النقطة، هي أن الجهازين ليسا جهازي دعاية، بل هما جهازا إعلام و
تفاعل و حوار. منزلة الصحفي في المؤسستين:هذا المحور الذي نوقش على مستوى اجتماعات عديدة، سمح بتحديد ملامح الصحفي العامل بكل من الوكالة والإذاعة والتلفزة من حيث توجهاته الفكرية والمهنية و ان الاستنتاج في شان هذه النفطة، أن العاملين في المؤسستين مدعوون إلى أن يكونوا مقتنعين بخيارات الحكومة، و أن يكونوا من العاملين لفائدة تلك الاختيارات، و أن يأخذوا في اعتبارهم أن العمل في كل مكان من الوكالة و الإذاعة و التلفزة، يختلف عن العمل في المؤسسات الصحفية الأخرى. و في إطار هذا التحديد ينبغي على المهنيين أن يدركوا أن الإذاعة و التلفزة مطالبة وظيفيا بمواكبة تطوّر البلاد و هذه المواكبة تستوجب الالتصاق بالواقع التونسي و من هنا يكون المطلوب من الصحفيين القدامى تطوير نظرتهم على أساس تطوّر المجتمع و يكون المطلوب من الأجيال الصحفية الشابة التخلي عن أساليب الطفرة و ملازمة الارتباط بواقع المجتمع، كل ذلك على أساس الاقتناع بأن الكفاءة الصحفية، لا يمكن أن يكون مقياسها الأقدمية كما لا يمكن أن يكون مقياسها الشهادات العلمية، بل المقياس في هذه الحالة هو القدرة على التأثير. وانتهى الصحافيون من خلال تقييم عملهم الصحفي
في المؤسستين و من خلال مناقشة خصائص الاعلام في الوكالة و الإذاعة و التلفزة، و
خصائص منزلة رجل المهنة في الجهازين. ومن خلال تحليلهم لمادة الاعلام المتداول،
إلى جملة من الاستنتاجات التي قرروا اعتمادها مرجعا في ممارستهم لعملهم الإعلامي
لغاية تحسينه وتطويره، في إطار ما تمّ تبيينه من مبادئ عامة. محتوى الخبر، صياغته، مصداقيته، ترتيبه وسرعته.ان الخبر يجب تطويره، بحيث
لا يقتصر على خطاب المسؤول المشرف على الحدث، بل يتعداه الى الحديث عن تدخلات
الحاضرين و المشاغل المطروحة. وعن طول الخبر كان الاستنتاج
أنه لا بد من الالتزام بالتلخيص، والتمييز مستقبلا بين الخبر والخطاب، و اعتماد
مقاييس تستثني الديباجة، مع العمل على الالتزام في الإذاعة و التلفزة بحدود
زمنية للنشرات. وعن ترتيب الاخبار، كان الاستنتاج أنه لا بد من تجاوز الترتيب البروتوكولي وإقرار ترتيب يراعي أولوية رئيس الدولة ثم الوزير الأول، مع الرجوع فيما عدا ذلك الى القاعدة الطبيعية للأولوية التي تسند الى أهمية الخبر. أما سرعة بث الأخبار، في
مستوى الوكالة فكانت القاعدة المستخلصة، هي وجوب الالتزام بتغطية الحدث في مستوى
الوكالة في ظرف لا يتجاوز الساعتين بعد نهاية الحدث، الاّ إذا كانت هناك أسباب
قاهرة وعندها يقع التعليل. وكان من استنتاجات الصحفيين أيضا، وجوب اخراج الخبر من ظاهرة الاجترار والتعهد في صورة تأكد إعادته، بإثرائه بعناصر جديدة، كل ذلك مع الحرص على امضاء الأخبار والتعريف بصحافييها. التعاليق و الملفات و التحاليل :كان الاتفاق حاصلا على ضرورة تجاوز مصدر الاخبار الى تناولها بالتحليل و التعليق و التعريف بإطارها و ابعادها على أساس ملاحقة مستمرّة و موضوعية للأحداث، و ذلك يأتي بفضل اجتهاد منظّم لأصحاب المهنة يرتكز على ضبط رزنامة سنوية و شهرية و يومية لأحداث البلاد، مع تمكين الصحافيين مسبقا من الوثائق اللازمة حتى تنتفي الصبغة الوجدانية في التعاليق و التحاليل، و يتجه هذا النوع من العمل الصحفي إلى عمق الأحداث تحليلا و تحقيقا و تعليقا، كما برزت الرغبة في بعث اركان قارة في مختلف هذه الأغراض الصحفية، يمثل عطاء الصحفي العمود الفقري فيها، دون أن يفضي ذلك الى الاحتكار، بل تجدر الاستعانة بالكفاءات و الأقلام من خارج المهنة الصحفية، مع الحرص على امضاء التعاليق و التحاليل و غيرها. واتفق الصحافيون، على أن
تطوير مختلف هذه الأبواب وتحسين التعاليق والتحقيقات، أصبح ضرورة فرضتها الظواهر
الجديدة التي طرأت على الساحة الإعلامية والمتمثلة في التطور الذهني السريع في
انبعاث العديد من الصحف للمجتمع وهي صحف يغلب عليها طابع التحليل والتعليق أكثر
من طابع الخبر المجرّد، وهذا استوجب الارتقاء بالتعليق الى مستوى يساير و يفاضل
تعاليق الطرف المقابل، وهو ما يستدعي إعطاء الموضوعية منزلتها، لكن على أساس ان
الموضوعية ليست للتركيز على السلبيات، بل هي التعامل مع السلبيات دون مركبات
ودون تجاهل. (...) المصدر: وثيقة عمل صادرة عن لقاءات التفكير والحوار في
العمل الإعلامي، بين صحافيي الإذاعة و التلفزة التونسية ووكالة تونس افريقيا
للأنباء، فيفري-مارس 1982، 8 صفحات مرقونة بالآلة الكاتبة. |