بحث

الكتابة للقارئ و الكتابة مع القارئ

القارئ هو الهدف الأول لكل موضوع صحفي و هو حاضر في ذهن كاتب الموضوع  منذ لحظة اختيار الموضوع ثم جمع المعلومات على ضوء قاعدة القرب أي اختيار المعلومة التي لها أكثر حظوظ لشد انتباهه و تشجيعه على تخصيص الجهد اللازم و الوقت لقراءة الموضوع، الى أخر القرارات التحريرية مثل إضافة عنوان فرعي لتهوية النص و توزيع بياض الصفحة و سواد الأحرف و الخطوط بصفة متناسقة ، أو اختصار جملة طويلة أو تعويض كلمة صعبة بأخرى أسهل بهدف توفير أكثر أريحية للقارئ و تسهيل القراءة. كل تقنيات و أساليب الكتابة الصحفية تهدف إغراء القارئ و استدراجه للدخول في النص.




الكتابة للقارئ و الكتابة مع القارئ





وثيقة من إعداد:

د.المهدي الجندوبي




القارئ هو الهدف الأول لكل موضوع صحفي و هو حاضر في ذهن كاتب الموضوع  منذ لحظة اختيار الموضوع ثم جمع المعلومات على ضوء قاعدة القرب أي اختيار المعلومة التي لها أكثر حظوظ لشد انتباهه و تشجيعه على تخصيص الجهد اللازم و الوقت لقراءة الموضوع، الى أخر القرارات التحريرية مثل إضافة عنوان فرعي لتهوية النص و توزيع بياض الصفحة و سواد الأحرف و الخطوط بصفة متناسقة ، أو اختصار جملة طويلة أو تعويض كلمة صعبة بأخرى أسهل بهدف توفير أكثر أريحية للقارئ و تسهيل القراءة. كل تقنيات و أساليب الكتابة الصحفية تهدف إغراء القارئ و استدراجه للدخول في النص.

لا تطرح فقط على نفسك السؤال العادي عند الكتّاب : ماذا أريد أن أقول؟ و لكن فكّر أيضا في سؤال آخر: ماذا يريد القارئ الممكن لهذا النص الذي أنوي نشره، أن يقرا و ماذا يريد أن يعرف؟. لذا يجب أن يكون الموضوع على درجة من الأهمية و من الإفادة و شدّ الانتباه و مناسبا لطبيعة جمهور الجريدة أو لشريحة هامة منه.

احتفظ دائما في ذهنك بالسؤال التالي: هل هذا الموضوع يهم قرائي أو قسم منهم و ما هي الجوانب التي يمكن أن تلفى استحسانهم أو تستجيب إلى انتظارا تهم؟ ( راجع مفهوم قانون القرب الذي تم التعرض إليه عند تقديم قيم الخبر)

و كلما كان الصحفي مطلعا على خصائص الجمهور و منتبها إلى تنوع شرائحه و مدركا إلى انتظارا ته و أساليب تعامله مع وسائل الإعلام كلما كان أكثر قدرة على صياغة رسالة صحفية تحظى بالانتشار و القبول.

و لم تعد معرفة الخصائص الاجتماعية للجمهور كافية وحدها إذ غيرت وسائل الاتصال الحديثة من طبيعة التعامل بين الصحفي و الجمهور و تطورت فرص التفاعل التي حولت الجمهور إلى طرف مشارك في عملية إنتاج الرسالة عن طريق التعليق الذي يضيفه القارئ فور قراءته للموضوع، و مدوّنات القراء التي يحتضنها موقع الجريدة الإخباري و غيرها من أشكال التفاعل التي تم تقديمها في فصل: كيف غيرت و سائل الاتصال الحديثة أساليب العمل الصحفي. كان الصحفي سابقا يتدرّب على الكتابة إلى القارئ  وعليه اليوم إضافة إلى ذلك أن يتعلّم الكتابة مع القارئ.

و قد أحدثت تقنيات الإعلام و الاتصال الحديثة نقلة نوعية حقيقية في طبيعة العلاقة بين الباث و المتلقي، فبينما يعتمد الاتصال الجماهيري التقليدي نموذج البث في اتجاه واحد من الواحد إلى الكل أي من المؤسسة المنتجة للرسالة إلى الجمهور العريض، مكنت وسائل الاتصال الحديثة من الانتقال إلى نموذج الكل إلى الكل،أي أن كل باث أصبح متلق و كل متلق أصبح باثا. و تتعدد أشكال التفاعل الممكنة المتاحة فعليا في الكثير من المواقع الإخبارية، نذكر منها:

·       انتشرت بين الصحفيين الذين يكتبون مقالات الرأي و الأعمدة عادة تتمثل في إدراج عنوان بريدهم الالكتروني الشخصي في آخر الموضوع و هي طبعا دعوة ضمنية للتحاور مع القراء.

·       يمكن لكل متصفح أثناء تصفحه موقعا إخباريا و فور اطلاعه على موضوع، تحرير رد فعله و إبداء تعليقه أو إضافته عن طريق صفحة بريد الكتروني يوفرها الموقع.

·       بعض المواقع مثل موقع جريدة الشرق الأوسط اليومية السعودية التي تصدر في لندن و موقع القناة التليفزيونية العربية تسمح لكل قارئ بإضافة تعليقه مباشرة في آخر الموضوع و هكذا يستطيع كل متصفح أن يطلع على ردود فعل القراء بعد اطلاعه على ما كتبه الصحفي. بينما تحيل مواقع أخرى القراء إلى منتدى يمكنهم أن يدخلوا فيه ردود فعلهم ( جريدة السفير اللبنانية).

·       لم يعد يكتفي بعض الصحفيين بردود الفعل أي بتعليق القراء بعد اطلاعهم على الموضوع فأصبحوا يناقشون الموضوع فبل نشره و هي تجربة تنجزها الجريدة اليومية الفرنسية ليبراسيون، اذ يخصص كاتب العمود يوميا نصف ساعة لمناقشة الموضوع الذي ينوي نشره، عن طريق المحادثة الالكترونية تشات (دردشة) التي يشارك فيها كل من يرغب في ذلك من القراء.
كما تعلن بعض الجرائد في منتدى عن موضوع الملف القادم الذي ستتناوله الجريدة و تطلب من القراء تقديم آرائهم و تجاربهم فيتحول المنتدى الى مصدر من مصادر الصحفي المكلف بإعداد الملف.

·       تدرج كل المواقع الإخبارية استفتاءات الكترونية تطرح فيها سؤالا عن موقف القارئ من أحداث الساعة و يمكن لكل متصفح المشاركة في الاستفتاء و الاطلاع على النتائج.

·       تشجع بعض المواقع الإخبارية المواطنين على مدها بالأخبار و هي تجربة تقوم بها حاليا جريدة الوسط البحرينية التي خصصت في موقعها رابطا يحمل عنوان (أرسل خيرا) و بمجرد الضغط عليه تفتح رسالة الكترونية لكتابة الخبر. و في هذه الحالة يتحول كل مواطن إلى مخبر صحفي.

·       تسمح كل المواقع الإخبارية حاليا بإمكانية إرسال نسخة من موضوع إلى صديق أو أكثر و هكذا يمكن لكل قارئ أن يشترك مع قراء آخرين في القراءة و هو في نفس الوقت يضمن فرص توزيع جديدة للموضوع.




المصدر: د.المهدي الجندوبي، التحرير الصحفي، نشر قسم الاعلام، كلية الآداب، جامعة البحرين، 2010، 133ص.