بحث

الحاجة إلى الأخبار

الحاجة الى الأخبار
كيف تساهم الأخبار في تلبية هذه الاحتياجات؟
خصائص الخبر وصفاته ( الواقعية، الموضوعية أو الأمانة، الشمولية، الذوق العام)
القيم الإخبارية (الآنية أو الحالية، الجدّة، الأهمية، الضخامة، القرب، المنافسة والصراع، الطرافة، النجومية، الاهتمام الإنساني)
التقييم الإخباري لتحديد ما هو صالح للنشر
المعالجة الصحفية




الحاجة إلى الأخبار



وثيقة من إعداد:

د.المهدي الجندوبي

الصحافة مهنة لها أساس فطري مثل العديد من المهن الأخرى : الطبخ والطب  والأمن والتعليم، فهي مهام يحتاجها الإنسان ويمارسها بنفسه، ولكن تطور الخبرة اللازمة وتعقّدها عبر التراكم الذي جعل الإلمام بمتطلبات المهنة يحتاج إلى تفرّغ وتخصّص ولذلك عهدت المهمّة إلى شريحة تختصّ بها وتقدّمها إلى الآخرين مقابل علاقة تبادلية (مقايضة أو راتب)

يمكن معاينة هذا الأساس الفطري لمهنة الصحافة في دورة المعلومات في الأسرة داخل المجموعات الصغيرة (الأصدقاء، زملاء العمل). نعيش أحداث الأسرة مباشرة وتصلنا أخبارها لأننا شاهدون على ما يجري داخل الأسرة وحتى إذا لم تتح لنا الظروف ذلك، تروى لنا ملابسات ما يجري من قبل بقية الأعضاء. الأخبار الأسرية جزء من انتمائنا إلى هذه المجموعة وجمعها وتداولها أساس تفاعلاتنا وجزء من وقتنا المخصص للأسرة، نحن أعضاء الأسرة والمهّمة الإعلامية بعد من عضويتنا، لم نوكله إلى غيرنا.

هذه المباشرة للمهمة الإخبارية غير ممكنة على مستوى المجموعات الكبرى، لا نستطيع أن نحضر كلنا الاجتماع البلدي رغم تبعات هذا الاجتماع على حياتنا ولا نستطيع أن نستمع إلى كل مداولات البرلمان حتى وإن تم بثها مباشرة عبر الراديو لأن وقتنا لا يسمح بذلك ولا نستطيع أن نرافق كلنا تنقلات فريقنا المفضل لكرة القدم فنحن مجبرون على التغيب رغم رغبتنا واهتمامنا ومصلحتنا.

الصحفي هو الذي يتفرغ ويتخصص لأداء هذه المهام فيحضر بالوكالة عنا ويروي الحدث فيجعلنا نشارك عن طريق القصة الإخبارية أي عن طريق رموز لغوية وكأننا حضرنا مباشرة، الصحفي حاضر بالوكالة عن الغائبين ومسؤوليته أن يروي بصدق و دقة ووضوح ما جرى، العمل الصحفي..كتابة إلى غائب.
Carole Rich, Christopher Harper,2007) )

هذه الحالة ليست دائما ممكنة إذ لا يتاح للصحفي الحضور المباشر دائما فيلجأ إلى تجميع المعلومات من مصادر أخرى ويعيد تركيب الحدث فيكون الخبر رواية عن رواية.


هرم احتياجات الفرد

يصنف أبراهام مازلو Abraham Maslow الاحتياجات إلى خمسة أصناف يرتبها بطريقة هرمية من أسفل الذي يمثل الحاجات الأولية، إلى الأعلى الذي يشتمل على حاجات أرقى ولا يمكن تلبيتها سوى في مرحلة لاحقة بعد تلبية الحاجات الأولية:
1.    احتياجات فسيولوجية physiological needs ( الغذاء، الجنس، تجنب الألم...)
2.    احتياجات الأمن والسلامة   safety needs(حماية الذات و الأسرة والمجتمع)
3.    الاحتياجات الاجتماعية  social needs ( العلاقات الإنسانية والاجتماعية، القبول...)
4.    احتياجات التقدير والاحترام    esteem needs(الحب، العلاقات الاجتماعية، الوجاهة والاعتبار...)
5.    احتياجات تحقيق الذات   self-actualization needs(نمو الفرد وكل أشكال الاستهلاك والإنتاج الثقافي)

كيف تساهم الأخبار في تلبية هذه الاحتياجات؟

إذا كان من الصعب تقديم أمثلة تبيّن دور الأخبار في تلبية الاحتياجات الفسيولوجية فعلى العكس من ذلك يمكن أن نجد العديد من الأمثلة تبين مدى تدخل الأخبار في المساعدة على الاستجابة إلى المستويات الأربعة الأخرى من الاحتياجات الإنسانية، فاحتياجات الأمن والسلامة يمكن أن توفرها ببساطة أخبار الطقس وأحوال الطرقات، والاحتياجات الاجتماعية تتمثل في العديد من الأخبار التي تربط الفرد بالمجموعة وليس ابسطها مساعدته على أداء واجبه الانتخابي وتتجسم احتياجات التقدير والاحترام في العديد من الأخبار التي تدور حول الشأن العام ويسعى فيها رجال السياسة شرح اختياراتهم للمواطن، كما يمكن أن تسمح أخبار الثقافة والفنون وغيرها من الهوايات بالاستجابة إلى احتياجات تحقيق الذات.
الأخبار والمعلومات التي تحملها أساس العديد من القرارات، أي أنها تساعد أو توجه أو تشجع أو تعطل انجازا أو حركة سواء على مستوى الفرد في حياته اليومية أو على مستوى المؤسسات.

على مستوى الأفراد
·   أخبار الطقس وأجنده العروض السينمائية أو المسرحية أو المعارض وبرامج المهرجانات شكل من إعلام الخدمات يسمح للمواطن بالمشاركة والالتحاق في الوقت المناسب والمكان المناسب بهذه الفعاليات. فالصحافة تساهم في تنظيم وتخطيط البرنامج اليومي للمواطن و تضمن نجاح هذه الفعاليات بسبب المشاركة الواسعة.
·   تسهيل انخراط الأفراد في الحياة المدنية عن طريق ترشيد قرار التصويت على ضوء ما يتعرض له المواطن من تداول أفكار و برامج .فالصحافة أساس ممارسة المواطنة التي ترسخ النظام العام لآن المواطن يقتنع أن له قدرة على توجيه سياسة بلده بالانتخاب و لا يلجأ إلى الانزواء (مواطنة مجمدة و سلبية) أو لا يفكر في أساليب أخرى خارج ما تتيحه الحياة المدنية مثل العنف.

على مستوى المؤسسات
تلعب الصحافة  دور الواسطة في اتجاهين من الحكومة إلى الشعب ( الأخبار التي تدور عادة حول أقوال و أفعال أصحاب القرار) و من الشعب إلى الحكومة ( التحقيقات التي تسمح لصحفي بإعطاء الكلمة إلى المواطن العادي، صفحات الرأي التي تفتح أعمدتها إلى نخبة المثقفين و الناشطين في المجتمع المدني، بريد القراء الذي يحمل العديد من الشكاوي الموجهة إلى الجهات الحكومية)

·   في الحقل السياسي تسمح الأخبار باطلاع الناس على قرارات الحكومة، إذ العلم بالقرارات شرط نجاحها فما الفائدة من قرارات لا يعلم بها الناس؟
·   تعتمد الأنظمة الديمقراطية سلطة الشعب عن طريق المشاركة في إدارة الشأن العام و المشاركة في الانتخابات تجسيم لهذا المبدأ والصحافة عندما تخبر عن الترشيحات و البرامج تساهم في نجاح مبدأ مشاركة المواطن وبالتالي تساهم في توفير شرعية للنظام.
·   الحكومات و أصحاب القرار يعتمدون الصحافة جزئيا للاطلاع على أحوال الناس و أفكارهم و ردود أفعالهم إزاء الأداء الحكومي.



المصدر: د. عوض هاشم، د.المهدي الجندوبي، دليل كتابة الخبر، نشر وزارة الإعلام بالبحرين، 2010، 214 ص.