بحث

الوكالة واحدة من المؤسسات التي تكوّن المشهد الإعلامي

عندما يتصفح القراء  في المنامة أو في القاهرة أو في كل بقاع الدنيا جريدتهم اليومية وعندما يستمعون الى النشرات الإذاعية والتلفزيونية، فإنهم يطالعون أو تتردد على مسامعهم حروف مثل – بنا – واش  –  ف  ب – أو رويترز .. وتوضع هذه الحروف مباشرة قبل مقدمة الخبر أو في آخره أو تدمج في الخبر مع المصدر.

الوكالة مؤسسة إعلامية تعمل لحساب مؤسسات إعلامية أخرى و تمدها بأخبار محلية أو دولية فما هي أوجه الشبه و أوجه الاختلاف بين الوكالات و بقية المؤسسات التي تكون المشهد الإعلامي المحلي و ما هو حجم الدور الذي تلعبه الوكالات في تدفق الأخبار على مستوى دولي.



الوكالة واحدة من المؤسسات
التي تكوّن المشهد الإعلامي



وثيقة من إعداد:

د.المهدي الجندوبي
(تعريب د.مصطفى حسن)

عندما يتصفح القراء  في المنامة أو في القاهرة أو في كل بقاع الدنيا جريدتهم اليومية وعندما يستمعون الى النشرات الإذاعية و التلفزيونية، فإنهم يطالعون أو تتردد على مسامعهم حروف مثل – بنا – واش  –  ف  ب – أو رويترز .. وتوضع هذه الحروف مباشرة قبل مقدمة الخبر أو في آخره أو تدمج في الخبر في مكان ذكر المصدر.
       
وقلة هم القراء أو المستمعون الذين يعيرون اهتماما لتلك الحروف التي لا يدركون عادة حقيقتها. على أن البعض منهم يعلمون أن الأمر يتعلق بوكالات أنباء دون أن تكون لديهم مع ذلك فكرة واضحة عن نوع العلاقات التي يمكن أن تكون قائمة بين هذه الوكالات ووسائل الإعلام الأخرى.

 وفي الواقع فان استخدام تلك الحروف التي تشير الى وكالـة أنباء البحرين و وكالة أنباء الشرق الأوسط(مصر) والوكالة الفرنسية للأنباء والوكالة البريطانية للأنباء، يعني أن الخبر المنشور أو المذاع منقول عن الوكالة التي أشير إليها بواسطة تلك الحروف التصديرية وتقوم هذه الحروف مقام العلامة التجارية المسجلة التي تضعـها المصانع على منتجاتهـا المسوقة. على أنه لا بد من الإشارة الى بعض الصحف التي تغفل أحيان عن ذكـر الوكالة التي أمدتها بالنص المنشور أو تقتصر على ذكر كلمة وكالات دون تخصيص عندما تعتمد في نشر خبر واحد على مادة إعلامية وردت عليها من أكثر من وكالة واحدة.

المادة التي يطلع عليها القارئ أو المستمع متنوعة المصادر فهناك قسم يجمعه ويحرره الصحافيون المتفرغون الدين يعملون بالجريدة أو المحطة الاذاعية يتمثل في إنتاج ذاتي يميز كل وسيلة إعلامية عن الأخرى  و هناك قسم تحصلت عليه المؤسسة المشتركة في خدمة الوكالات في شكل مادة قابلة للنشر ويحق لها انتقاء ما تراه مناسبا والاحتفاظ به قصد إعادة نشره وإهمال ما تبقى.

الوكالة مؤسسة إعلامية تعمل لحساب مؤسسات إعلامية أخرى وتمدها بأخبار محلية أو دولية فما هي أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين الوكالات و بقية المؤسسات التي تكون المشهد الإعلامي المحلي وما هو حجم الدور الذي تلعبه الوكالات في تدفق الأخبار على مستوى دولي؟


دور الوكالات الخصوصي في المشهد الإعلامي المحلي

لنتبين بصورة أفضل مكانة الوكالة في المشهد الإعلامي المحلي سنعمد الى مقارنتها بالوسائل الإعلامية الأخرى التي تعرفها الجماهير العريضة معرفة أفضل نسبيا و سنتوقف عند نقاط التجانس و نقاط الاختلاف بين الوكالات و سائر وسائل الإعلام.

1.    الوظيفة الإخبارية

تشترك وكالات الأنباء مع بقية وسائل الإعلام في وظيفة جمع الأخبار ومعالجتها وتوزيعها وتهتم أكثر من غيرها بالأخبار الآنية. وقد تشتمل خدمة الوكالة على موضوعات رأي ولكن هذا الصنف من الكتابة الصحفية أكثر حضورا في الصحافة المكتوبة.
و تتميز طبيعة المادة  التي تعرضها الوكالات في خدماتها باقتصارها على المادة الإعلامية بينما تشتمل صفحات الجرائد على مضمون غير إعلامي مثل صفحات  الترفيه والتسلية( الكلمات المتقاطعة، رسوم الكرتون) والخدمات ( أوقات الصلاة، الطيران، الصيدليات المفتوحة...), و الإنتاج الإبداعي مثل الشعر والقصة القصيرة في الصفحات الأدبية وصفحات الإعلانات، و بريد القراء.

و كذلك البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تشتمل إضافة الى البرامج الإخبارية على قسط وافر من الإنتاج الخيالي ممثلا في الأفلام  والمسلسلات .

هذا ويمكن أن نضيف التوضيح التالـي وهـو أن وكالة الأنباء تهتم أساسا بالأحداث التي تجدّ خلال ال 24 سـاعة المنقضيـة.

2.    أخبار بالجملة

تعرض الوكالات أخبارها في شكل نشرات متكونة من مجموعة من الأخبار في شكل برقيات يتراوح حجمها بين 200 و 250 كلمة، على بقية وسائل الأعلام مثل الصحف و المحطات الاذعية و التلفزيونية التي تشترك مقابل عقد تجاري في نشرة أو أكثر و هكذا فأن الخبر الواحد يرسل الى عدة مشتركين. و الصورة الأكثر تعبيرا التي يمكننا استعمالها لوصف طبيعة العلاقة بين الوكالة و بقية وسائل الإعلام هي أن الوكالة تاجر أخبار بالجملة يزود المشتركين الدين يوزعون بدورهم هذه الأخبار مثل أي تاجر تجزئة.

و لا تعبر هده الصورة الا جزئيا على الواقع لأن الوكالة ليست مجرد تاجر بالجملة فهي تنتج جانبا من الأخبار التي تبيعها بالجملة حتى و ان كانت هي بدورها تتحصل على أخبار من وكالات أخرى تعيد استغلالها في نشراتها. و لعله من الأنسب أن نقارن الوكالة بمصنع ينتج مواد فكرية بطريقة صناعية و مثل كل مصنع فأن عملية الإنتاج تمر بثلاث مراحل :

مرحلة الواردات التي تتكون من المواد الخام التي يقتنيها المصنع من مختلف مصادر التزويد و يقابل هده المرحلة في الوكالات جمع الأنباء

مرحلة التحويل التي تعطي للخامات قيمة مضافة و تقابلها في الوكالات مرحلة المعالجة و إعداد الأخبار

مرحلة التسويق و تصدير المنتوج و تقابلها في الوكالة توزيع الأخبار على المشتركين عن طريق وسائل الاتصال

3.    معالجة المادة الخام

يحق لكل مشترك إعادة نشر المادة الواردة في خدمات الوكالات حرفيا أو معالجته أي تعديلها في اتجاه الاختصار أو الإثراء أو إعادة الصياغة. و يقول البعض أن مادة الوكالات هي مادة نصف خام قابلة للنشر كما هي مرشحة للمعالجة.

 و تكون المعالجة في حدها الأدنى مثل الاقتصار على تغيير عنوان الخبر كما يمكنها أن تكون متطورة مثل إنتاج موضوع جديد تدمج فيه المادة الإعلامية الواردة في أخبار الجريدة مع مادة تكميلية يبادر الصحفي في البحث عنها بعد اطلاعه على خبر الوكالة.
تمكن المعالجة الذكية للأخبار من تحويل المادة الإعلامية الموحدة التي تعرضها الوكالات على عدة مشتركين من بين وسائل الإعلام لهم سياسات تحرير مختلفة و قد يكونون في وضعية تنافسية أو أنهم يتوجهون الى جماهير متنوعة، الى مادة أكثر خصوصية  تكون منسجمة مع سياسة التحرير المعتمدة و يمكنهم أن يتميزوا بها على منافسيهم و أن يكونوا أكثر قربا من الجمهور.

و لا تقوم بمثل هده المعالجة المتطورة الا الجرائد و المحطات الاداعية التي يتوفر لديها عدد كاف من الصحفيين و تقتصر الكثير من الجرائد الصغرى على نشر شبه حرفي لما يرد عليها من الوكالات، حتى أن البعض يتحدث عن صحافة دون صحافيين. و يمكن أن نلمس هده الظاهرة  بصفة جلية في أقسام  الأخبار الدولية للعديد من الجرائد التي تكون فيها هيئات التحرير منخفضة. و يلاحظ القارئ و المستمع في الكثير من الأحيان التطابق الممل للمواد الإعلامية نظرا لغياب أو لبساطة المعالجة.

من الصعب تحديد بصفة دقيقة حجم الأخبار التي ترد على الجرائد من وكالات الأنباء و نسبة الأخبار التي تنشرها فعليا الجرائد و التي يعبر عنه بنسبة إعادة النشر و لكن يمكن أن نقول بصفة عامة أن المادة التي تصل الجرائد قد تفوق المادة التي يعاد نشرها بنسبة الضعف و أكثر.

جابهت الوكالات هدا التحدي المتمثل في عرض خبر واحد على جرائد تنتمي الى اتجاهات مختلفة و متصارعة أحيانا بتطوير أسلوب إخباري حيادي انتشر فيما بعد في كل الأوساط المهنية وخصصت له الكثير من الكتب المتخصصة في الصحافة و أصبح يدرس في كل مدارس تكوين الصحافيين في العالم.
              
4.    طبيعة التغطية الإعلامية : من التغطية الدورية الى التغطية الفورية.

تبث الوكالات الأخبار على طوال اليوم و لا تلتزم بمواعيد قارة مثل الجريدة اليومية التي تجمع أخبار اليوم لتنشرها في الغد و المحطات الأداعية و التلفزيونية التي تبث الأخبار في نشرات منتظمة في أوقات قارة و يمكن أن توصف هده التغطية بأنها تغطية دورية.
أما الوكالات فهي تعتمد التغطية الفورية، فصحفي الوكالة عندما يكون في الميدان لتغطية خطاب تلقيه شخصية سياسية رئيسية لا ينتظر انتهاء الخطيب ليصوغ خبره بل عليه أن يحرر الخبر الأول بعد ربع الساعة الأول و يرسله الى مقر الوكالة التي تبادر بدورها الى إرساله عبر نشرتها الى المشتركين و يتلو الخبر الثاني عندما يتقدم الخطيب في كلامه و عندما ينتهي الخطيب يكون الصحفي قد أرسل مجموعة من الأخبار في سلسلة متقطعة في شكلها و لكنها متوحدة الموضوع لأنها تدور كلها حول نفس الخطاب. و تسمى هده الطريقة في التعامل مع الحدث الإرسال المقطعي للحدث. و تبث الوكالة من جديد بعد انتهاء الخطاب خبرا  تأليقيا جديدا يعيد ترتيب عناصر الخبر حسب أهميتها و يختصره في برقية واحدة أو برقيتين.

و تمكن هده الطريقة الوكالة من مواكبة الحدث مرحلة بمرحلة و بتزويد المشتركين بسرعة بمادة صالحة للاستغلال فيمكن لمحطة اداعية أن تنشر خبرا حول هدا الخطاب في نشرتها الموجزة أو نشرتها الرئيسية ادا حان وقت النشرة و الحدث مازال يجري على أرض الواقع.

تتعامل الوكالة مع مؤسسات إعلامية لها نظام عمل مختلف فالجرائد تطبع متواصلا.عادة في الليل و تغلق آخر صفحة قبيل الطبع على الساعة العاشرة و لكن الصفحات الداخلية تغلق قبل دلك و الإذاعات تبث موجزا كل نصف ساعة أو كل ساعة إضافة الى النشرات الرئيسية و يضاف الى دلك المشتركون في الخارج الدين تختلف مواعيد نشراتهم و مواعيد طباعتهم بحكم تواجدهم الجغرافي في مناطق تعتمد توقيتا مختلفا فالخبر الدي يبث في الرباط على الساعة الخامسة مساء يستغل في المنامة على الساعة الثامنة . لدلك تعتبر الوكالات أن لها مشتركا محليا أو دوليا يتهيأ في كل لحظة لغلق صفحاته أو لبث نشرته الاداعية أو التلفزيونية و اشتهرت عند الوكالات مقولة أجل التسليم في كل لحظة( deadline every time )

عرفت الوكالات منافسة جدية من قبل المحطات الأداعية و التلفزيونية التي يمكنها أن تقطع البث العادي و ترسل مندوبا يغطي حدثا ما بصفة مباشرة يسمح لكا مستمع أو مشاهد أن يواكب تطور الحدث مثلما يجري في الواقع و يكتشفه مع الصحفي و من الطبيعي أن يحد هدا الأسلوب من تفوق الوكالات في سرعة نقل الأحداث خاصة بالمقارنة مع الجرائد اليومية.

و تعرف الوكالات تحديا جديدا متمثلا في انتشار الصحافة الإلكترونية التي تجمع بين مزايا الصحافة المكتوبة دون أن تكون مكبلة بثقل الطباعة، و هدا يسمح بنشر أخبار في ظروف عمل الوكالات تبث الى عموم الناس عن طريق شبكة الانترنت.



5.    العلاقة مع الجمهور: علاقة غير مباشرة و تفاعلية غائبة.


العلاقة بين الجريدة أو المجلة و الجمهور علاقة مباشرة أي أن القارئ يقتني نسخته الشخصية من الأكشاك أو عن طريق الاشتراك فيقرؤها متى يريد و حيث يريد في البيت أو في العمل أو في وسائل النقل العمومي و يمكنه ان ينتظم في قراءة بعض الأعمدة لأنه يفضل أسلوب كاتب صحفي دون آخر و يتعود على وجوههم لأن الكثير من الجرائد درجت على نشر صور الكتاب، كما يمكنه أن يراسل الجريدة عن طريق بريد أو صفحة القراء أو أن يكتب رأيا قد تنشره الجريدة فيتحول من مستهلك للرسالة الإعلامية الى منتج.

هده العلاقة التفاعلية تكون أكثر تطورا في الاداعة و التلفزيون التي تسمح في بعض برامجها المباشرة من بث مكالمة مع المستمعين و المشاهدين.

و تكون هده التفاعلية في أرقى أشكالها في الصحافة الإلكترونية و المواقع الإخبارية التي تسمح بسهولة بتحول القارئ الى محاور للصحافيين ينتقد كل ما يكتبونه و يبادر بعرض مواضيعه.

و على العكس من دلك  فالجمهور العريض لا تصله المادة الإعلامية التي تبثها الوكالات الا بصفة غير مباشرة عن طريق الجرائد و الاداعات التي تتلقى الخدمة مباشرة من الوكالات و تعيد بثها بعد الانتقاء و المعالجة. و تمتنع الوكالات عادة عن نشر إمضاءات الصحفيين الا بالنسبة الى بعض التحاليل و لا تنشر آراء المواطنين و ردود فعلهم.و هكدا تكون الوكالات شبه مجهولة من قبل الرأي العام رغم أهمية دورها في صياغة الأخبار و التفاعلية غائبة تماما بينها و بين الجمهور العريض. فالوكالات هي صحافة فاعلة في الخفاء و تؤدي دورها من وراء الستار و هي صحافة الصحافيين أو جريدة الجرائد قبل أن تكون جريدة القراء و المستمعين.

هدا بالنسبة الى الجمهور العريض و لكن تختلف الوضعية بالنسبة الى العناصر القيادية مثل أعضاء الحكومات و كبار المسؤولين في المؤسسات السياسية و الاقتصادية الدين يشتركون مثل الجرائد و الاداعات في خدمات الوكالات لأنهم بحكم شغلهم يحتاجون الى متابعة الأخبار لحظة بلحظة و تربطهم على العكس من الجمهور العريض علاقة مباشرة بالوكالات.



6.    قنوات توزيع الأخبار

استعملت الوكالات لإيصال أخبارها الى المشتركين كل الوسائل المتاحة حسب درجة تطور الاتصالات فاعتمد الحمام الزاجل و التلغراف و تعتمد الآن الوكالات في الغالب تقنية نقل المعطيات من الكمبيوتر المركزي للوكالة الى شبكة من الكمبيوترات الموجودة في مقرات الجرائد و الإذاعات.

ترسل وكالات الأنباء أخبارها عن طريق مبرقات كاتبة (تلسكربتر) هي أشبه بالآلة الكاتبة، وتربط المركز الرئيسي للوكالة بالمشتركين ومنهم الصحف عن طريق خط سلكي أو لا سلكي، وبهذه الطريقة تنقل نشرة الوكالة (وهي مجموعة من البرقيات) الى المشترك على لفافة من الورق مركبة على المبرقة الكاتبة أو تظهر على شاشة كمبيوتر.

و يتكون جمهور الوكالة من مشتركين يتعين أن يكون لدى كل منهم مبرقة كاتبة موصولة بالوكالة التي هم مشتركون بها، اما الإذاعة فانها تبث برامجها بواسطة جهاز ارسال يمكن للمستمعين التقاطها عن طريق الترنزستور (الراديو) على أن يدخل مقابل ذلك ضريبة سنوية في بعض الدول. وتستعمل الصحف اليومية و الأسبوعية الورق وهي تباع عن طريق الاشتراك أو بالشراء المباشر من الأكشاك أو بواسطة باعة متجوليـن.

و تسمح المقارنة بين كل هذه الوسائط الإعلامية بأن نلاحظ أن تلقي الجمهور للمواد الصحفية التي تنتجها الوكالة يستدعي تجهيزات خاصة بالاضافة الى الاشتراك وهذا ما يجعل عدد المشتركين لخدمات الوكالة اقل ارتفاعا من عدد المنتفعيـن بخدمات المحطات الإذاعية والمؤسسـات الصحفية.


7.    بين الثقافة و الاقتصاد

تنتمي الوكالات مثل بقية المؤسسات الإعلامية الى حقل الصناعات الثقافية فهي مؤسسات ذات صبغة تجارية تخضع مثل كل المؤسسات الى الضغوط الاقتصادية التقليدية و تسعى الى المعادلة بين المصاريف و المداخيل. وتنتج تنتج  بضاعة ذات صبغة خصوصية لا مادية ذات بعد ثقافي.

8.    الموظفون

تحتاج المؤسسات الإعلامية الى فئات متعددة من المتخصصين يمكن تصنيفهم الى 3 فئات رئيسية

هيئة التحرير
الفنيون و التقنيون
الإداريون
الوكالات تتمتع بهيئات تحرير أكثر عدد من بقية المؤسسات
تتميز الوكالات الدولية بعدد مرتفع من أعضاء هيئة التحرير المقيمين في مختلف عواصم الدنيا
الجرائد : هندسة الطباعة
الإذاعات: هندسة الصوت و الإرسال
الوكالات: هندسة الاتصالات
تسيير إداري و مالي و تسويق

9.    دليل وسائل الإعلام

ينسب الى وكالات الأنباء دور المرشد بالنسبة الى سائر وسائل الإعلام وذلك على أساس أنها الأولى وكثيرا ما تكـون الوحيدة التي تزود تلك الوسائل بالإنباء وبذلك فإنها أول من ينبه بقية وسائل الإعلام الى انطلاق حدث على درجة من الأهمية و تقدم في الواقع ضربا من التصور للأشياء يعسر على الصحف أن تعدله فيما بعد ، خاصة عندما لا يكون لها مراسلون مقيمون في منطقة الحدث.

فالوكالات هي الأولى في رواية الحدث و صياغة كلماته و تحديد أهميته. وانه لا سبيل الى إنكار اثر الكلمات الأولى التي تعبر عن الحدث والتي ترددها في الدقائق الموالية مختلف المحطات الإذاعية في العالم ، كما ترددها في الساعات التالية مئات الصحف اليومية.
       
و هذه الكلمات الأولى التي اختارها صحافي الوكالة الذي عاش مايمكن أن نسميه بفجر الحدث (وهي اللحظات الأولى لوقوعه) توجه الخبر نوعا ما وذلك بالرغم من الحياد الذي يحرص على تأكيده صحافيو الوكالات.
   
و تقوم الوكالة يوميا بتصنيف مختلف الأحداث مميزة بين الأحداث الكبرى و الأحداث الثانوية.


دور الوكالات في تدفق الأخبار الدولية


مدى الاهتمام بالأخبار الدولية

لم يعرف العالم حقبة أكثر وفرة في الأخبار الدولية من الفترة الحالية، اد تتكامل الأجهزة الإلكترونية و الأقمار الصناعية و خطوط تبادل المعطيات دان التدفق المرتفع لتشكل شبكة سمحت للبعض بالحديث عن تحول العالم الى قرية يشترك كل سكانها في الأهتمام بمواضيع موحدة و يتبادلون بكثافة و سهولة الرسائل الأعلامية.


لا يمكن الحديث عن الأخبار الدولية دون التوقف عند دور وكالات الأنباء و بصفة أخص وكالات الأنباء الدولية التي تتحكم في ما يقارب 80 في المائة من مجموع الأخبار التي تجمعها و تنشرها وسائل الإعلام في العالم.

تشخيص ظاهرة اعتماد الصحف على أخبار الوكالات :

النرويج في الستينات نتيجة دراسة تناولت اعتماد الصحف في تغطية مجموعة من ثلاث أزمات دولية ابرزت أن 87في المائة من ه>ه الأخبار مصدره 4 وكالات دولية

الهند في الستينات 1961/1968 أبرزت دراسة أن أكثر من نصف الأخبار على الأقل  مصدرها 4 وكالات دولية

الهند في الثمانينات حسب دراسة أنجزتها اليونسكو و شملت 29 دولة ، بلغ الاعتماد على الوكالات الأربعة الدولية39 في المائة و قد يفوق أحيانا هده النسبة لأن الدراسة وجدت أن 8 في المائة من أخبار العينة مجهولة المصدر و يمكن أن تكون هده الأخبار من الوكالات الدولية و لم تذكر الصحف مصدرها لأنها عالجتها و أعادت صياغتها.  

في آسيا في السبعينات 1977 شملت دراسة دولية لمقارنة تدفق الأخبار 16 صحيفة وتوصلت الى نتيجة أن ثلاثة أرباع الأخبار غير المحلية الصادرة بهدة الجرائد كان مصدرها 4 وكالات دولية.

في أمريكا اللاتينية توصلت دراسة فرناندو ماتا حول الأخبار الدولية في أمريكا اللاتينية و التي شملت 16 صحيفة أن 80 في المائة من الأخبار الخارجية كان مصدرها الوكالات الدولية الأربعة.

تتأكد هده الظاهرة في دراسة البونسكو في الثمانينات التي شملت 29 دولة من بينها المكسيك التي اعتمدت صحفها على الوكالات الربعة في نسبة 54 في المائة مع إمكانية أن تكون هده النسبة أكثر من دلك لأن الأخبار غير معروفة المصدر بلغت 8 في المائة.

من أهم الصعوبات التي تعترضها الدراسات التي تحاول حصر نسبة اعتماد الصحف على أخبار الوكالات:

الصحف قد لا تذكر في بداية الخبر أو في آخره مختصرات الوكالة المعتمدة فينشر دون ذكر المصدر

قد تذكر الوكالة المحلية مصدرا لخبر دولي و في الواقع نعلم أن هذه الوكالات المحلية قد تكون تحصلت هي بدورها على الخبر من وكالة دولية و اقتصرت على إعادة بثه في اتجاه المشتركين من الجرائد المحلية.


المصدر: د.المهدي الجندوبي، صحافة الوكالة صحافة الأساس، نشر معهد الصحافة و علوم الأخبار، 1984، 110ص. (نشر باللغة الفرنسية و توجد نسخة مترجمة غير منشورة، أعدّها د.مصطفى حسن بطلب من المركز الأفريقي لتدريب الاتصاليين بتونس CAPJC)