فكتور سحاب، ازمة الإعلام الرسمي العربي، النموذج اللبناني، دار الوحدة للطباعة و النشر، بيروت، 1985، 167ص.
جاء في مقدمة الكتاب:
«هذا الكتاب هو حصيلة سنوات خمس عشرة، بدأت في أخبار شركة التلفزيون اللبنانية (القناة 7) سنة 1971، وانتهت بالدائرة الإذاعية في الوكالة الوطنية للإعلام، في وزارة الإعلام اللبنانية. ومؤلف الكتاب عمل في الأخبار التلفزيونية والإذاعية معدا ومذيعا، وعاصر عهودا متعاقبة في وزارة الإعلام، وقدّم مقترحات عديدة لإصلاح شان الإعلام الرسمي.
والفصول الخمسة الأولى من الكتاب، وضعت لاستنتاج خلاصة التجربة في المسائل الخمس الكبرى المتعلّقة بالشأن الإعلامي الرسمي: الانحياز السياسي، ووحدة لبنان، وعروبة لبنان، والتحريض على العنف، والغزو الثقافي.
وأما الفصول الأخرى فتضم على الخصوص مقترحات رفعت في السابق إلى المسؤولين في شأن إصلاح أخبار التلفزة والإذاعة وفي المسائل الموسيقية واختيار الأغاني وما إليها.
وفي الفصول الأخيرة من الكتاب محاضرة ألقيت في جمع من أساتذة كلية التربية-الفرع الأول، في الجامعة اللبنانية، وكانت حديثا في التربية والإعلام».
جاء في الصفحة 103 من الكتاب:
«تراجع مستوى نشرات الأخبار في إذاعة لبنان [1982] إلى درك لم يعد مقبولا، حتى أصبحت إذاعة قلّما يسمعها المواطن اللبناني. والسبب الأول لهذا التراجع، هو أن نشرات الأخبار التي ينبغي أن تضج بالعمل الصحفي الحقيقي، خلت تماما من روح الخبر الصحفي، وتحولت إلى مجرّد معرض لبيانات رسمية وتصريحات لا تغري بالسمع. وتحول المستمعون إلى الإذاعات الأخرى الخاصة أو الخارجية.
ومن أهم مظاهر غياب الحس الصحفي عن أخبار الإذاعة أن أي خبر، مهما كان خطيرا ومهما للمستمعين، بات يأخذ دوره في ترتيب بروتوكولي شكلي يفترض أن تأتي أخبار رئيس الجمهورية أولا ثم أخبار رئيس مجلس النواب، فرئيس الحكومة...وهكذا. وتراجعت الأخبار المهمة التي لا مكانة بروتوكولية لها، إلى مؤخرة النشرات وغابت عن هذه الأخبار في كثير من الأحيان بسبب ضيق الوقت. وفي حالات أخرى أخذت أخبار المناسبات الرسمية، كعيد الاستقلال أو ما شابهه، صدارة النشرات، مع أن العيد معروف موعده ولا يمكن أن يشكل خبرا بالمعنى الصحفي. وفي حالات أخرى أصبح لزاما، إذا ما أذيع خبر للجبهة اللبنانية، أن يذاع خبر للتجمّع الاسلامي مثلا، أو إذا أذيع خبر للمفتي أن يذاع خبر للبطريك...وهكذا.
مع أن لكل هذه الخدمات والبلاغات الرسمية وأخبار المسؤولين مكانا، يمكن أن يخصص بها، إلا صدارة الأخبار. وتفاقمت هذه الأزمة مع رسوخ الانطباع لدى المحررين في الوكالة الوطنية، بانهم ليسوا صحفيين، بل ناطقون رسميون باسم الحكومة. وهذا الانطباع أدى إلى شللهم وامتناعهم عن أخذ اية مبادرة صحافية حية، خوفا من أن يفسر أي تحرك من تحركاتهم على أنه يعبر عن نيات يبيتها الحكم في أمر من الأمور».