بحث

خطة الفقرة التلخيصية (أو الخطة الموضوعية)

تسمّى عادة الخطّة الموضوعية أي أنها تتمثل في الحديث عن موضوع رئيسي يكون الخيط الموحّد لكل النص مع تجزئته إلى مواضيع أو عناصر كلها متفرّعة عن الموضوع الرئيسي و كأنها قطع مستقلة و لكنّها مركّبة لتشكّل وحدة موضوعية كما يمكن تسميتها خطة التفريع و كأنها شجرة جذعها الموضوع الرئيسي أو الموضوع العام و أغصانها العناصر التي يمكن أيضا أن تشتمل على فروع و هي أفكار و معلومات تتفرّع عن كل غصن أي كل عنصر.
الخطة الموضوعية أو خطة الفقرة التلخيصية مناسبة لعدة أشكال صحفية إذ هي متداولة، في مقالات الرأي و التحليل و في التقارير الإخبارية و التحقيقات







خطة الفقرة التلخيصية
(أو الخطة الموضوعية)

وثيقة من إعداد:

د.المهدي الجندوبي

تسمّى عادة الخطّة الموضوعية أي أنها تتمثل في الحديث عن موضوع رئيسي يكون الخيط الموحّد لكل النص مع تجزئته إلى مواضيع أو عناصر كلها متفرّعة عن الموضوع الرئيسي و كأنها قطع مستقلة و لكنّها مركّبة لتشكّل وحدة موضوعية كما يمكن تسميتها خطة التفريع و كأنها شجرة جذعها الموضوع الرئيسي أو الموضوع العام و أغصانها العناصر التي يمكن أيضا أن تشتمل على فروع و هي أفكار و معلومات تتفرّع عن كل غصن أي كل عنصر.
كما يمكن أن تجسّم حسب رياضيات المجموعات mathematical sets    في دائرة كبرى تمثل الموضوع العام تشتمل على دوائر تمثل العناصر و كل دائرة يمكن بدورها إن تنقسم إلى دوائر اصغر منها تمثل العناصر الفرعية.

و أميل إلى تسميتها بخطة الفقرة التلخيصية لأن الفقرة التلخيصية  nutgraph
 التي تتصدّر الموضوع، كما ستشرحه هذه الوثيقة تساعد الكاتب في مرحلة أولى على ترتيب المادة الغزيرة من المعلومات و الأفكار التي تجمّعت قبل الشروع في الكتابة و هي في مرحلة ثانية توجّه القارئ و هو يدخل في النص مثل المسافر الذي أعلم مسبقا بالوجهة أي موضوع المقال و بالمحطات الكبرى أي العناصر التي سيدور حولها المقال و كل هذا يسهّل على القارئ التحرّك داخل النص و مرافقة الكاتب في رحلته الفكرية عبر الكلمات و الجمل و الفقرات.

الخطة الموضوعية أو خطة الفقرة التلخيصية مناسبة لعدة أشكال صحفية إذ هي متداولة، في مقالات الرأي و التحليل و في التقارير الإخبارية و التحقيقات

المقدمة

الدخول في الموضوع بطرق مختلفة
-خبر يسمح بربط الموضوع بالآنية أو تصريح
-حدث متوقع يبرر إثارة الموضوع
-وقائع و معطيات او رقم ذا دلالة يسمح بشد الانتباه
-حكمة أو مقولة مشهورة أو صيغة أدبية
-طرفة
-مشهد من الواقع أو من اثر أدبي يوحي بالموضوع



جسم الموضوع

الفقرة التلخيصية
nutgraph

كلّ ما جمّعته  قبل الشروع في التحرير لازم لفهمك للموضوع و لكنه ليس بالضرورة صالحا للاستعمال النهائي أي كل ما بين يديك من خامات لن يجد بالضرورة مكانه في النص النهائي للمقال.

عليك معالجة هذه المادة الخام و تحويل شتات الأفكار و المعلومات إلى كلّ متماسك و أن تجد خيطا رابطا و فكرة محورية يمكن أن تنتظم حولها الخامات المتوفّرة من وقائع و أحداث و أرقام و تصريحات و أفكار.

عليك عند الشّروع في الكتابة البدء بكتابة فقرة تلخيصية ( أو جملة محورية ) تكون عصارة كل ما توفّر لديك حول الموضوع. عليك أن تلزم نفسك على أن تقول كل ما تعرفه في 50 كلمة. إذا نجحت في تحرير هذه الفقرة التلخيصية التأليفية فهي ستساعدك على تحويل المعلومات المشتتة إلى وحدة و تسمح لك أن تنتبه إلى أهم العناصر و إلى الترابط أو التسلسل بين هذه العناصر.

هذه الفقرة، ستوجّه لاحقا كتابة الموضوع و ستكون النواة الأولى أو النموذج  و ستتمثل الكتابة في تفصيل هذه الفقرة التلخيصية و تطويرها و يمكن تسميتها بالفقرة الآم فهي الموضوع المصغّر و الكتابة ستحوّله إلى موضوع مكتمل، تماما مثل الخارطة فهي صورة مصغّرة للمساحة الجغرافية الفعلية و كل ما نجده في الخارطة نجده على أرض الواقع. الخارطة دليلك في الطريق و هذه الفقرة التلخيصية دليلك في الكتابة.

و هي أيضا دليل القارئ الذي يعلم مسبقا منذ بداية الموضوع ما هي أهم المحاور و المسائل التي سيتناولها الموضوع و هو في هذه الوضعية شبيه بالمسافر الذي يعرف وجهة السفر أي الموضوع الرئيسي الذي تعلن عنه المقدمة ثم المحطات التي تعلن عنها الفقرة التلخيصية. فالمقدمة تسمح بالدخول في الموضوع و الفقرة التلخيصية ترسم طريق القراءة و توحي بفروعه.

و من الأفضل تخصيص فقرتين مستقلتين واحدة للمقدمة و ثانية للفقرة التلخيصية و لكنه يمكنك أيضا دمج الفقرتين و الانطلاق مباشرة في موضوعك بمقدمة تلخيصية أي أن المقدمة تلعب دور الإعلان عن الموضوع و تحديد عناصره و هذه الطريقة معتمدة في الأخبار المطوّلة و التقارير الإخبارية كما يمكن أيضا اعتمادها في كتابة مقالات الرأي.

كما يمكنك ان لم تقتنع بوجود الفقرة التلخيصية في جسم الموضوع و بعد بعد أن تكون انتهيت من كتابة المقال أن تلغي الفقرة التلخيصية و تدخل مباشرة بعد المقدمة في تحليل العنصر الأول فتتحول الفقرة التلخيصية إلى فقرة مستترة أو مخفية ، ساعدتك على ترتيب موضوعك دون إتاحتها إلى القارئ و كأنك استعملت وظيفة إخفاء التي توفرها بعض برمجيات الكمبيوتر  hide


نماذج فقرات تلخيصية:

نموذج فقرة تلخيصية حول موضوع إدخال الديمقراطية في المدرسة لمقالين مختلفين:

2.      ضرورة تعليم الديمقراطية في المدارس موضوع قبول شامل في مستوى المبادئ و لكن الاختلاف واضح حول أفضل السبل التربوية و يشترط تطوير المناهج الحالية كما يتطلب ابتكار أساليب تربوية جديدة خارج المناهج (البرامج) الرسمية.

2.     أرفض قرار تعليم الديمقراطية في مدرسة عجزت عن أداء وظيفتها التعليمية التقليدية و غير مهيأة لأعباء جديدة لأنه يؤدي بالضرورة إلى تسييس المدرسة و أدعو إلى توظيف مساحات أخرى مثل الأسرة و الحركة الكشفية و نوادي الأطفال ووسائل الإعلام الموجهة للطفل لتحقيق هدف التربية الديمقراطية.


جسم الموضوع

أعلنت عن الموضوع الرئيسي في المقدمة و أعلنت عن عناصره في الفقرة التلخيصية، من الطبيعي إذا ، أن يخصص جسم الموضوع إلى تحليل كل عنصر من العناصر الواردة تباعا في الفقرة التلخيصية مع الالتزام بالترتيب الذي جاء في هذه الفقرة و ذلك لتسهيل متابعة القارئ الذي سيدخل تدريجيا في موضوعك و يستحضر الصورة العامة له التي رسمتها المقدمة و الفقرة التلخيصية.

يتكون جسم الموضوع من فقرات مختصرة او متوسطة و من الأفضل عدم تجاوز 50 كلمة في الفقرة الواحدة و يمكن كحد ادني تخصيص فقرة مستقلة لكل واحد من عناصر الموضوع و لكن من الأفضل أن يقع تناول كل عنصر في سلسلة متكوّنة من فقرتين او ثلاث أو أكثر و تشكّل كل مجموعة من الفقرات وحدة متكاملة تتناول واحدا من العناصر المعلنة في الفقرة التلخيصية.

عند تناول أي عنصر من عناصر موضوعك عليك الاقتصار على ذلك العنصر و عدم الانتقال من موضوع إلى موضوع دون الانتهاء من تقديم ما لديك من وقائع و أفكار متعلق بالعنصر الذي شرعت في تحليله و لا تنتقل إلى العنصر التالي ثم تعود من جديد إلى العنصر السابق مما يتسبب في التداخل و التكرار و يؤدي إلى عدم تركيز القارئ و إلى انطباع عام بالغموض.

عليك الانتباه في بداية الحديث عن كل عنصر بإبراز الموضوع و كأنك تكتب مقدمة مختصرة خاصة بهذا العنصر و من الأفضل استعمال ذات المفردات التي أعلنت بها على العنصر في الفقرة التلخيصية و هذا يسهّل على القارئ متابعة ما تكتبه و تلعب هذه المفردات و هي تتكرر في الفقرة التلخيصية و في بداية كل عنصر دور المنبه تماما مثل علامات الطريق.

فبقدر ما تشكّل سلسلة الفقرات التي تحلّل عنصرا واحدا و تبلوره، وحدة موضوعية و كأنها فقرة واحدة يجب الانتباه إلى توضيح عملية الانتقال من عنصر إلى آخر حسب التسلسل الوارد في الفقرة التلخيصية و كأننا أمام منعرج في طريق القراءة.

الخاتمة

فقرة تلخيصية موجزة تعبّر عن الاستنتاج الرئيسي للكاتب، في نهاية هذه الرحلة الفكرية عبر الموضوع مع إبراز أهم استنتاج.

عود على بدء عندما تشير الخاتمة إلى طرفة المقدمة أو إلى الحالة الخاصة التي تم افتتاح الموضوع بها و توحي هذه الخاتمة بشكل الدائرة و انتهاء الموضوع بالعودة إلى بدايته. و يساعد الشكل الدائري على حصر الموضوع و خلق شعور بالاكتمال و الشمولية. و يمكن أن يكون العود على بدأ في علاقة مع عنصر العنوان. Circle kicker

خاتمة إخبارية موجهة إلى المستقبل في علاقة مع أحداث متوقعة أو تداعيات و تطوّرات في مرحلة لاحقة.


المقدمة

الفقرة التلخيصية (ذكر عنصرين أو أكثر)

العنصر الأول
1
2

العنصر الثاني
3
4

العنصر الثالث
5
6
الخاتمة




نماذج من الصحافة العربية اعتمدت خطة: الفقرة التلخيصية



ذكريات محمد إبراهيم
(تمرين مدرسي أنجز في قسم الإعلام بكلية الآداب، جامعة البحرين 2005)

مجلس الطلبة حقنة مشجعة للطالب
مع فتح باب الترشح لعضوية مجلس الطلبة الرابع يتجدد العهد مع الطلبة المرشحين و يفتح أمامهم الباب على مصراعيه لإثبات أنفسهم و خدمة زملائهم و تحمل مسؤولية قراراتهم و آرائهم.


مقدمة:
الإعلان عن الموضوع و توظيف الآنية (حدث متوقّع)
مجلس الطلبة له دور كبير في حياة المؤسسة الجامعية فهو يسمح بتنمية الروح القيادية بين الطلبة و يعزز روح التعاون بين الطلبة من جهة و الهيئة الأكاديمية و الإدارية من جهة أخرى كما يساهم مع الجامعة في تطوير الخدمات الطلابية.

الفقرة التلخيصية:
العناصر:
الروح القيادية
التعاون
الخدمات
تعد مشاركة الطالب في مجلس الطلبة فرصة جيدة لتنمية الروح القيادية بين الطلبة ، فيكسب الطالب ثقة كبيرة في نفسه و ذلك بتحمله مسؤولية زملائه و إقدامه على ترشيح نفسه للنشاط في مجلس يمثل الطلبة و يخدمهم.
كما أن ثقة الطلبة عند التصويت للمرشح و قبول الترشح من عمادة شؤون الطلبة و هي الجهة الجامعية المشرفة على عمليات التصويت تساهم في تنمية ثقة المرشح بنفسه.
و شيئا فشيئا يكسب الطالب مهارة قيادة المجموعة و الالتزام بقوانين معينة و يتعلم اساليب العمل و التعمل مع فريق طلابي من مختلف التخصصات و الميولات و الثقافات.

جسم الموضوع:
العنصر الأول: كيف يساهم مجلس الطلبة في تنمية الروح القيادية
و الأكثر من ذلك أن مجلس الطلبة هو حلقة وصل و تعاون بين الطلبة بعضهم البعض اذ تتاح لهم فرصة تناول المشاكل الطلابية و مناقشته و إيجاد حلول لها بنفسهم. كما أن المجلس من جهة أخرى يوئّق الروابط بين الطلبة و الهيئة الأكاديمية و إدارة الجامعة من جهة أخرى نتيجة لتعامل الطلبة المرشحين الدّائم و المباشر مع هاتين الهيئتين.

العنصر الثاني: كيف يكون مجلس الطلبة حلقة وصل
و بما أن الطالب هو الأقرب لزميله و الأدرى بمشاكله فمجلس الطلبة يساهم أيضا في تعون مع الجامعة في تطوير الخدمات الطلابية. فيبادر هذا المجلس بوضع مشاكل الطلبة تحت المجهر و العمل على ايجاد حلول منصفة لها. و قد نجح المجلس على مقاومة مشكلة باصات النقل غير المكيفة التي يعني منها الطلبة نتيجة لحرارة الجو و التعرض للشمس في مسافات طويلة يوميا و قد تم استبدالها بباصات مكيفة و مريحة بعد جهود حثيثة و متواصلة للمجلس و الإدارة.

العنصر الثالث:
ما هي الخدمات التي ساهم المجلس في تحقيقها
مجلس الطلبة هو الطريق لايصال صوت كل طالب الى الهيئة العليا في الجامعة و هو مشروع يستحق أن تثني عليه مئات الأقلام.
الخاتمة








ذكريات محمد إبراهيم 

(تمرين مدرسي أنجز في قسم الإعلام بكلية الآداب، جامعة البحرين 2005 )

الأنشطة الثقافية مهجورة

يبلغ عدد طلاب جامعة البحرين ما يقارب 19 ألف طالبا و طالبة. و عند مقارنة عدد الطلبة الكبير بعدد الحضور في الأنشطة الثقافية في الجامعة نستنتج تلقائيا أن هناك عزوف كبير عن المشاركة في الأنشطة الثقافية.

المقدمة:
توطيف رقم عدد الطلبة و مفارقة العدد المرتفع للطلبة و العدد المنخفض للمشاركين في الأنشطة
العزوف عن المشاركة في الأنشطة الثقافية في الجامعة يعود إلى عدة أسباب أهمها الوعي بأهمية الأنشطة الثقافية و توقيت الأنشطة و جدولتها و طبيعة هذه الأنشطة المتكررة و المملة.

الفقرة التلخيصية:
3 عناصر:
العزوف سببه قلة الوعي
العزوف سببه الجدولة
العزوف سببه شكل النشاط الممل
يفتقر أغلبية الطلبة الجامعيين الى الوعي بأهمية المشاركة في الأنشطة الثقافية في الجامعة و لا يعلمون أن عزوفهم عن المشاركة يجعلهم يخسرون فرصة جيدة للتعلّم اللاّصفي تكمّل و تثري ما يتلقونه في المحاضرات الصفّية.
كما أن مشاركتهم و تعاونهم في تنظيم قسم من هذه الأنشطة في نطاق النوادي يزيدهم خبرة عمليو و مهارات مختلفة كقيادة المجموعة و العمل ضمن فريق و ينمي قدرتهم على ربط علاقات اجتماعية مع شخصيات مختلفة.
و من خلال تجربتي الشخصية و جدت أن الأغلبية لا يعيرون اهتمام حتى إلى الإعلانات حول الأنشطة المعلقة على الجدران و قد يتم تقطيع بعضها و هذا يعكس استخفاف و لا مبالاة الطلبة بمثل هذه الأنشطة.
و على الهيئة الأكاديمية التدخل لغرس أهمية المشاركة في مثل هذه النشطة عند الطالب منذ بداية التحاقه بالجامعة إذ أن الطالب يجب أن يعي أن النشاط الثقافي يجب أن يصطف جنبا إلى جنب مع الحصص الدراسية.


جسم الموضوع:
العنصر الأول:
عدم الوعي بأهمية الأنشطة الثقافية
و يقودنا عدم الوعي بأهمية الأنشطة الثقافية الى سبب آخر من أسباب العزوف و هو توقيت الأنشطة الثقافية الذي لا يناسب الطلبة اذ تخصص ساعتين كل أحد و ثلاثاء الى الأنشطة من الساعة الحادية عشر و حتى الواحدة طهرا، و يكون الطلبة في هذه الفترة قد انهوا محاضراتهم و يميلون الى الرغبة في العودة الى بيوتهم كما أن بعض الطلبة لا ياتون الى الجامعة لأن محاضراتهم مجدولة في أيام اخرى من الأسبوع.

العنصر الثاني:
كيف تتسبب الجدولة في العزوف
أما السبب الأخير الذي يلعب دورا رئيسيا في العزوف فهو شكل الأنشطة الثقافية التي تقتصر في اغلب الحيان على الندوات التي تتصف بالرتابة و الملل و لذلك يجب تطوير الأنشطة و الابتعاد بها على شكل الدروس داخل الصفوف التي تتصف بالجمود. فالطالب إذا قرر المشاركة في نشاط ثقافي لا يريد مزيدا من الجلوس و الاستماع بشكل روتيني بل يحتاج إلى أشكال أخرى كورش العمل و استخدام التقنيات الحديثة التي قد تضيف تغييرا مفيدا على جو النشاط الثقافي.

العنصر الثالث:
كيف يساهم الشكل الروتيني للنشاط في العزوف
المشاركة في الأنشطة الثقافية تضيف كثيرا لشخصية الطالب و تتيح له فرصة لإثبات نفسه و لا تستحق التمادي في الهجران.

الخاتمة:
خلاصة و نداء الكاتب




السلام داخل العائلة الحاكمة من أهم أولويات حاكم الكويت التالي
Fri Oct 5, 2012 10:54am GMT
من سيلفيا ويستول
(إعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير محمد هميمي وفتحي عبد العزيز)
© Thomson Reuters 2012 All rights reserved
الكويت (رويترز) - عندما يتولى حاكم الكويت التالي السلطة سيتعين عليه طمأنة الأطراف المتنافسة داخل أسرة الصباح بأنه يحمي مصالحهم أما الحفاظ على الاستقرار وإحراز تقدم باتجاه الإصلاح الديمقراطي فهي قضايا مؤجلة على الأقل في بدايه عهده.

وكان الشيخ صباح الأحمد الصباح (83 عاما) الأمير الحالي للكويت قد قاوم مطالب المعارضة بمنحها سلطات أكبر لوضع السياسات داخل البرلمان الذي تتراجع قدرته على الحسم والذي حله الأمير عدة مرات.

وسيواجه خلفه المرتقب وأخوه ولي العهد الأمير الشيخ نواف الأحمد الصباح (75 عاما) الضغوط نفسها.
مقدمة تلخيصية توحي بعنصرين:

الأسرة

الإصلاح الديمقراطي
لكن في ظل وجود الكثير من افراد أسرة الصباح الكبار في السن ممن يطمحون للمناصب وخلاف يعتمل تحت السطح بين الفرعين الاكثر نفوذا يبدو من المؤكد ان وحدة الاسرة ستكون أكثر التحديات إلحاحا.

ويقول كريستيان اولريكسن الباحث في شؤون دول الخليج في كلية لندن للاقتصاد إن التوصل إلى اتفاق لن يكون سهلا.

وأضاف "أي زعيم كويتي سيواجه بمشكلتين مرتبطتين ببعضهما بعضا. الأولى هي إدارة الفصائل داخل الأسرة والثانية هي إدارة العلاقة بين الحكومة والبرلمان والحكومة في الأساس هي الأسرة."

ويوافق البرلمان المنتخب في الكويت على مشروعات القوانين والميزانية لكن المناصب الحكومية العليا يتولاها أفراد أسرة الصباح. كما ان لهم أدوارا بارزة في الحرس الوطني والسلك الدبلوماسي والهيئات الاستثمارية والشركات الحكومية.

والأمير نواف في طريقه لخلافة الأمير عندما يحين الوقت. والأمير الحالي الذي وضع له جهاز لتنظيم ضربات القلب في عام 1999 يسافر كثيرا ويبدو هو وولي عهده في صحة جيدة.

وأيا كان ما يمكن أن يحدث في الكويت وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة ستكون له تداعيات على أنظمة ملكية في المنطقة تواجه كذلك ضغوطا من أجل إجراء إصلاحات سياسية في أعقاب الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي العام الماضي.

والكويت من أغنى دول العالم من حيث نصيب الفرد بفضل ثروتها النفطية وقلة عدد مواطنيها البالغ 1.2 مليون نسمة والذين يحصلون على مزايا سخية الى جانب نحو 2.4 مليون أجنبي يعملون بها.

والكويت من أكثر دول المنطقة تمتعا بالحرية السياسية وتشهد مناظرات سياسية قيمة ولديها مجلس تشريعي منتخب يضم سنة وشيعة وليبراليين وإسلاميين ولديها وسائل إعلام نشطة.

وكانت الأزمات السياسية المتكررة قد عطلت استثمارات وإصلاحات اقتصادية مهمة ومع ذلك شهدت الكويت تشكيل عشر حكومات وحل خمسة برلمانات منذ أوائل عام 2006.

لكن المحللين يعتقدون أن المعارضة لم تتمكن في الوقت ذاته من تحقيق الأغلبية الكافية التي تمكنها من تهديد حكم أسرة الصباح المستمر منذ 250 عاما. فلم تعلن المعارضة البرلمانية أو حركة الشباب ان هذا هو هدفها.

وقال الكاتب والمدون الكويتي داهم القحطاني إن التغيير سيكون بطيئا دون وجود تهديد قوي مثل أزمة اقتصادية تنتج عن انخفاض حاد في اسعار النفط أو تهديد مادي من دول مجاورة مثل إيران أو العراق الذي غزا الكويت وضمها عام 1990 ما أشعل حرب الخليج الأولى.

وظهرت الانقسامات داخل أسرة الصباح لأول مرة في عام 2006 بعدما تعطل العرف السائد في تبادل السلطة بين فرعي الأسرة جابر وسالم عندما أجبر الأمير السابق سعد العبد الله الصباح وهو من فرع سالم على ترك السلطة بعد ان تولاها بأسبوع واحد تقريبا بسبب مرضه.

وبدلا من تعيين أمير آخر من فرع سالم وافقت الاسرة والبرلمان على الشيخ صباح الأمير الحالي للبلاد الذي عين فردا آخر من فرع جابر هو الأمير نواف لخلافته.

ويقول محللون وأعضاء في البرلمان إن بعض أفراد الأسرة الحاكمة يناورون الآن سعيا إلى السلطة ويعملون من خلف الستار لاستغلال البرلمان والاحتجاجات السياسية للدفع بجدول أعمالهم.

وسيكون اختيار الشيخ نواف لرئيس وزرائه وولي عهده ومستشاريه أمرا حاسما. ويقول مراقبون إن من المرجح أن يعطي لرئيس الوزراء سلطة معالجة العلاقات الصعبة بين الحكومة والبرلمان.

وقال رئيس تحرير إحدى الصحف الكويتية الكبرى وهو مثله مثل أغلب من طلب رأيهم في هذا التحليل طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع "في الماضي كان لدينا رؤساء وزراء أقوياء جدا لديهم القدرة على العمل والتفاوض. أعتقد انه سيتبع هذا النموذج."

والشيخ نواف وهو وزير دفاع وداخلية سابق شخصية قليلة الظهور والكلام في المحافل العامة. ولم يرد الديوان على طلب إجراء مقابلة معه أو مع كبار مستشاريه.

ويقول محللون ودبلوماسيون إن أسلوبه الحصيف هذا قد يعني انه لن يتقبل سوى قدر متواضع من مطالب المعارضة وكي يفعل ذلك سيكون عليه إرضاء مجموعات داخل الأسرة الحاكمة.

وقال محام ومعلق سياسي كويتي "بعض افراد الاسرة الحاكمة يتمسكون بهذه الأفكار القديمة. الشيخ نواف حريص لكن يمكنه تقبل التغيير."

العنصر الأول:

ماذا يجري داخل الأسرة الحاكمة
وقد تتضمن هذه التغييرات السماح باسناد بعض المناصب الوزارية لأفراد من خارج اسرة الصباح أو اعطاء المعارضة الفرصة لمساءلة كبار الوزراء في البرلمان دون التهديد بحله.

وقال رئيس تحرير الصحيفة الكويتية إن الشيخ نواف يصر على مقابلة جميع الاشخاص ويبدي استعدادا للانصات الى من يختلف معهم في الرأي.

ويقول دبلوماسي إنه يتعين على المعارضة التي فازت بأغلبية مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية التي أجريت في فبراير شباط الماضي القيام بدورها بتوحيد صفوفها ووضع مسودة برنامج سياسات يعتد به ويتطلع للمستقبل بدلا من الاكتفاء بانتقاد الحكومة.

واضاف الدبلوماسي "برلمان عام 2012 لم يفعل شيئا. الشيء الوحيد الذي قام به هو تعطيل خطة التنمية" مشيرا إلى خطة بتكلفة 30 مليار دينار (108 مليارات دولار) تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع الاقتصاد.

ودعا نواب المعارضة في البرلمان في المظاهرات التي تضم آلاف الكويتيين والتي أصبحت أمرا معتادا منذ العام الماضي الى اختيار رئيس الوزراء واعضاء الحكومة من بين أعضاء البرلمان المنتخبين وليس من أفراد الاسرة الحاكمة.

وقال بعض النشطاء والكتاب كذلك انه يتعين السماح بتشكيل أحزاب سياسية وهو أمر محظور في البلاد. وفي الوقت الراهن يشكل أعضاء البرلمان تكتلات على أساس السياسات أو الروابط العائلية.


العنصر الثاني:

الإصلاح الديمقراطي و تشريك أطراف أخرى من خارج الأسرة في الحكم
ومن القرارات المهمة التي سيتعين على الشيخ نواف اتخاذها في أوائل عهده هو من سيكون ولي العهد. والقرار يتطلب موافقة البرلمان.

ويقول دبلوماسيون إنه من المستبعد أن يعين أحد أفراد فرع سالم الذي تضاءل نفوذه على مدى الأعوام الستة الماضية.

ومن المرشحين المحتملين الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح نائب رئيس الحرس الوطني. وتنتظر على اهبة الاستعداد شخصيات بارزة أخرى من الأسرة الحاكمة من الفرعين ومنهم نائب رئيس الوزراء السابق الشيخ احمد الفهد الصباح ورئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح.

وقال دبلوماسيون إن تعيين عدد من أبناء الجيل الاصغر سنا سيكون خطوة إيجابية لكنها تتعارض مع أعراف المجتمع الكويتي.



عودة إلى العنصر السابق حول دور الأسرة و لكن مع نظرة مستقبلية حول توقعات قرارات قادمة


وقال أحد الدبلوماسيين "إنهم لا يحيطون أنفسهم بشبان صغار السن. وإذا لم يفعلوا ذلك سيواجهون الدخول في المسار السعودي (الزعماء كبار السن)."
خاتمة في شكل اقتباس تسمح باستنتاج عام ينتهي به الموضوع: الشباب أو النموذج السعودي







العرب والمحرقة اليهودية

الحياة
السبت 24 أبريل 2010
مرزوق الحلبي
كاتب فلسطيني
مقدمة تعلن عن الموضوع: كيف تعامل العرب مع المحرقة
لم يُبدِ العرب على العموم اهتماماً بالمحرقة النازية بحقّ اليهود. وغالبية ما كتبه عرب عن الموضوع جاء ردّاً وسجالاً مع «سياسات المحرقة» التي اعتمدتها قيادة الحركة الصهيونية ومن ثم القيادة الإسرائيلية. ولأن التعامل العربي مع هذا الشرخ في التاريخ الإنساني قد جاء كردّ فعل على المشروع الصهيوني فقد ظلّ هذا التعامل إشكالياً خصوصاً أن هذا المشروع أنتج المسألة الفلسطينية
فقرة تلخيصية توحي بعنصرين : موقف العرب من المحرقة و توظيف الحركة الصهيونية للمحرقة
ملاحظة: يمكن اختصار الفقرة التلخيصية و تركيزها و تأجيل جزء مما ورد فيها و إلحاقه بعنصر التعاطي العربي
تجسّدت الإشكالية في ثلاثة مسارات. فإما أن العرب صمتوا ولم يتحدثوا، وإما أنهم قللوا من شأن ما حدث واهتموا بمُنكري المحرقة الأوروبيين ـ ولهم دواعيهم ـ والمشككين في التأريخ لها، أو أنهم قصروا تعاملهم على نقد سياسات المحرقة في إسرائيل وشهروا النكبة الفلسطينية وزجّوا بها مقدّمة وخاتمة لكل حديث عن الموضوع. وهذا بالذات يكشف بؤس القراءة العربية لحدث بحجم المحرقة اعتبر شرخاً في التاريخ الإنساني وخاتمة لمرحلة العقل والتنوير. هذا في أقلّ تعديل. إلا أن هذا البؤس ينسحب، أيضاً، على قراءة العرب لتأثير هذا الحدث الجلل المصمّم لهوية الشعب اليهودي بعد الحرب العالمية الثانية ولإسرائيل دولة ونظاماً وسياسات. نعزو ذلك إلى حقيقة أن القراءة العربية للمحرقة أتت، كما قلنا، كردّ فعل نزق على رد فعل متّهم من الحركة الصهيونية للعالم
تجربة المحرقة عند اليهود و توظيف الصهيونية لها
شعر اليهود حيال المحرقة أن الوجود بما فيه الإنساني والتاريخي واللاهوتي قد خذلهم. فانبروا يشككون في العقل والله والتاريخ والسياسة والشعوب ويحاسبون الوجود على أبعاده ومكوناته كلها لا سيما مرجعياته. وشعر العرب والفلسطينيون تحديداً أن اليهود، أو الأدقّ الحركة الصهيونية، قد غبنت حقهم فانبروا يفتشون في التاريخ واللاهوت والسلوك الإنساني عما يبرّر ما لحق باليهود! وربما كان هذا في أساس انتصار الحاج أمين الحسيني ورشيد عالي الكيلاني للنازية ومحورها. ومن هنا أخفق العرب في كل مرة من جديد في إدراك ذاك الذي حصل في العقد الخامس من القرن العشرين للإنسان بوصفه مخلوقاً تاريخياً، ولله الذي غاب، والعقل الذي أخذ السياسة إلى فاشيتها وجعلها ضرباً من الإستطيقا. وكل ما فعله العرب أنهم اتهموا إسرائيل بالنازية وكفى الله المؤمنين القتال! وكأنهم عندما رأوا إسرائيل نسوا التاريخ ودروسه.
لقد مرّ زمن طويل منذ بدأت مساعي الصهيونية للاستحواذ على المحرقة وتمثيلاتها ودلالاتها واستثمارها في الصراع الإسرائيلي العربي. وهي مدة كانت طويلة بما فيه الكفاية ليتمكن العرب ـ وسواهم ـ من الخوض في ما حصل تجاوزاً للتمثيلات الصهيونية وانفلاتاً من إسار ردّ الفعل على سياساتها، فيكفّوا عن الإنكار تارة بإشاعة خطاب أدبيات مُنكرة للمُحرقة والمشاركة في أنشطة إيرانية بهذا الصدد، وباتهام إسرائيل بالنازية على الطالع والنازل. لأن معنى هذا واحد لا ثاني له وهو أن العرب ـ حتى الآن على الأقلّ ـ قرروا مواجهة إسرائيل كما واجهوا الصهيونية، بغير عدّة سوى الكلام الكبير، وأنهم لا يزالون يحكون في السياسة والتاريخ ويخوضون فيهما على طريقة القبائل المتحركة بفعل استجابات أولية.
لقد خلصت التيارات المتنفذة في الصهيونية في ضوء المحرقة إلى اعتماد خيار الوجود بالقوة بعد أن تعرّض وجودهم بالشرعية في أوروبا إلى محاولة عملية للإبادة. وهو وجود تطور إلى حدّ إنتاج مراكز ثقافية واجتماعية ومنظومة حياة متكاملة أعاقت سيرها اللاسامية وبترها بالكامل المشروع النازي باعتباره ذروة المشروع القومي الأوروبي. وكان اليهود في أوروبا اعتقدوا بسذاجة أن الدولة الحديثة في أوروبا ستضمن لهم مواطنتهم وثقافتهم وخصوصيتهم. وهذا بالذات ما شكّل خلفية دافعة نحو تكريس مفهوم القوة كضمانة للبقاء المعرّض لتهديد فعلي في الفلسفة الإسرائيلية. وشكّل في الوقت منبع تيارات نقدية في إسرائيل وخارجها تحض على الذهاب في خيار البحث عن الشرعية كضمانة للبقاء عوضاً عن القوة! بمعنى أن التيار القومي اليهودي الذي تغذى من القومية الأوروبية الراديكالية افترض تحقيق سيادة على الجغرافيا كضمانة وحيدة للوجود اليهودي الذي تعرّض للملاحقة والاضطهاد ومن ثم بُتر وتشظى بأيدي النازية ـ أعلى مراحل القومية الأوروبية في حينه و «أبهى» تجليات النزعة العقلانية في السياسة

العنصر الثاني: التعاطي العربي مع المحرقة
لا نسوق هذا لنبرّر المشروع الصهيوني وتطبيقاته في فلسطين بل لنفهم الذي يُحدثه هذا المشروع على الأرض إلى يومنا هذا. ولكي نصحّح التعاطي العربي الجماعي مع المحرقة باعتبارها حدثاً مصمماً قائماً بذاته بدلالة أن الصهيونية وتفاصيل مشروعها في فلسطين التاريخية بدأ قبل المحرقة بعقود طويلة! لكن يبدو لي بعض الفلسطينيين والعرب سائرين على درب الحاج الحسيني ورشيد علي. لكن هذه المرة من خلال الانضواء تحت المظلة الإيرانية باعتبارها العدوّ المناوب لليهود كما كانت النازية في حينه. ويصير التشبيه تطابقاً كلما انبرى أحمدي نجاد يهدّد إسرائيل بالإبادة أو يدلي بدلوه في موضوعة المحرقة كأسوأ أستاذ للتاريخ. ليتبجّح بعدها بتقدم مشروعه النووي وتطويره لمنظومة جديدة من الصواريخ. مركبات ثلاثة حاضرة دوماً في خطابه الذي أعجب به إلى درجة العشق بعض الفلسطينيين والمتحمسين لقضيتهم فهتفوا للقوة المضادة للوجود اليهودي بالقوة في فلسطين وهو ما يجسّد في اعتقادي خطأً فادحاً في التاريخ والأخلاق

الخاتمة؛ دعوة الكاتب إلى فهم عربي مغاير للمحرقة
لا أظنّ أن الفلسطيني سيخسر قضيته لو أنه أقرّ بالمحرقة وأدرك معانيها التي تتعدى الصراع مع إسرائيل التي نجحت من ناحيتها في اختطاف المحرقة إلى ملعبها ومنع العرب وسواهم من تداولها بحرية. ولا أعتقد أن العرب سيكونون أقلّ عرباً لو أنهم اهتموا اهتماماً مستقلاً بالمحرقة كحدث كسر مجرى التاريخ ونقضه. ولو أنهم فعلوا لما بقي نظام عربي مستبدّ واحد، ولما زجّنا البعض في خانة «اليك» بادعاء أن العنف هو سيد الأحكام. ولو أنهم تحرروا من عقدة ردّ الفعل على السياسات الإسرائيلية وبضمنها سياسات المحرقة لربما كنا تحررنا فعلاً وبكلّ المعاني! صحيح أن المحرقة تسير بنا عنوة نحو النكبة. لكن لا يحوز بأي حال من الأحوال إنكار المحرقة أو إغفالها أو تبريرها بسبب ما أعقبها من تشظي للوجود الفلسطيني في وطنه التاريخي

موقع دار الحياة





ثورة لست ككل الثورات
بقلم: حسن بن عثمان
موقع جريدة الصحافة
مقدمة
بما أن الثورة التونسية كانت شعبية براغماتية ولم تكن أيديولوجية ولا موجهة عقائديا، ولم تقدها أية جهة سياسية ولا طبقة اجتماعية، وشارك فيها الشعب بمختلف فئاته وجهاته ونخبه، بل ثمة من يسجّل أن هناك من المنتمين لقواعد الحزب الوحيد الذي كان حاكما من شارك في بلوغها إلى يومها الموعود في الإطاحة برأس النظام. كانت ثورة لها شعار مركزي في الشغل والحرية والكرامة الوطنية دون أن يكون لها حلول ولا برامج سياسية ولا مقترحات طوباوية، ولا طروحات وجودية أو جمالية، وذلك ربّما ما يشكّل فرادتها واستثنائيتها مقارنة بالثورات التي يتحدث عنها التاريخ.
والفرادة والاستثنائية لا تعني بالضرورة تميّزا وتباهيا بل لعلّ ذلك يؤشّر إلى استثنائية التحديات التي تواجهها وفرادة المصير المدعوّة لتحقيقه، والمخاطر العظمى المحيقة بها
فقرة تلخيصية تعلن عن 3 عناصر سيتم لاحقا التوقف عندها:
الأمن والإعلام والعدل
وإذا رصدنا، على عجل، ما حصل في تونس طيلة هذه الفترة من قيام الثورة ـ وهي فترة كأن لها خصائص الأبدية من جهة ما نعيشه من وتيرة عاصفة متلاحقة للأحداث، التي لا تترك فرصة لاسترداد الأنفاس، ويبدو كأن ما يحدث البارحة أو قبل شهر أو قبل قبله، كأنه حدث في السنين الخوالي ـ نتبيّن أن الصراع السياسي تمحور بشدّة حول محاور ثلاثة: الأمن والإعلام والعدل
وهي المحاور التي اتهمت بالفساد ويكاد الإجماع يحصل على أنها منبع الداء وسبب جميع الأمراض في ما بلغه المجتمع التونسي من معاناة في مرحلة انسداد آفاقه. ومن الملفت أن تلك المحاور هي التي كادت أن تنفرد بما يُسمّى بالقوائم السوداء، التي تضمّ أسماء إعلاميين ومحامين وقضاة ورجال أمن، كل في مجال القطاع الذي ينتسب إليه، بالإضافة إلى قائمة رجال الأعمال المتهمين بالفساد والثراء غير المشروع، التي لا لم تحتلّ الصدارة شأن الأمن والإعلام والعدل، رغم ما لحق أصحابها من تعسّف وانتهاكات:

العنصر الأول: الأمن
يشهد قطاع الأمن بمختلف أسلاكه حراكا غير مسبوق، لم يكن يخطر على البال، في سعي الأمنيين إلى تحويله إلى أمن جمهوري مستقلّ الإرادة والإدارة، في خدمة أمن المواطن، والسهر على خدمته في كل الظروف. أمن لا ولاء له إلاّ للقيم الأمنية التي تدعّم النظام الجمهوري. لذلك نتابع ما تشهده وزارة الداخلية من تجاذبات ومماحكات ومحاولات للسيطرة الحزبية والسياسية عليها. كما نتابع تطورات العمل الميداني وما تم تأسيسه من نقابات للدفاع عن حقوق الأمنيين وتوفير ضروريات القيام بمثل ذلك العمل، الذي هو شرط من شروط قيام العمران البشري، والذي هو في منزلة الواجب الوطني. وتبدو الأمور هناك محتدمة ومفتوحة على كل الاحتمالات. فالمسألة ليست سهلة أبدا وإن كانت غير مستحيلة، وذلك رهن ما يسير عليه الشأن العام والمآلات التي ستفرزها الصراعات الاجتماعية والتدخّلات الخارجية، التي صارت مكشوفة بصورة غريبة ومثيرة للارتياب
العنصر الثاني: القضاء
الشيء نفسه، تقريبا، يتم في المحور القضائي. ثمّة محاولات حثيثة من قبل رمز من رجال القضاء ونسائه تعمل باستبسال يثير الإعجاب من أجل قيام قضاء مستقل وله سيادة على قراراته وأحكامه، ولا يرتهن لأي جهة أخرى غير ضميره القضائي ومؤسساته الرقابية وهرميته في الوظيفة... وفي هذا الصدد نعجب حقّا كيف يواصل أولئك القضاة النزاهة معاناة الدفاع عن شرف مهنتهم وقطاعهم كما كان شأنهم في عهد النظام السابق الذي نكّل بشماتة بالبعض منهم، وكأن لا شيء تغيّر بعد الثورة في هذا الصدد
العنصر الثالث: الإعلام


أما عن الإعلام فقد حضرنا يوم الاثنين 11 نوفمبر من هذا الشهر مثول زميلنا لطفي العربي السنوسي رئيس تحرير هذه الجريدة في المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة... من أجل ماذا؟
من أجل ماذا؟ ذلك سؤال محيّر للغاية ربّما يكون علمه عند القضاء الذي دعاه للمثول ولم يخبره عن السبّب أو الأسباب، فربّما القضاء نفسه لا يعلم، وزجّ بالقضاء كالعادة التي لا تخجل، والتي خلناها انقضت بحلول الثورة، التي طالما تشدّق حكامها الجدد بحمايتها وتحصينا ومحاربة الفساد المستشري، وعوض ذلك يفتعلون قضايا لا يحسنون حتّى فبركتها مثلما كان يفتعل سلفهم
خاتمة
إنها ثورة فريدة واستثنائية طبعا، ومن فرادتها أنها لا تأكل أبناءها ككل الثورات، لأنه ببساطة لا أبناء لها يحوزون عقودا أو مضامين توثّق نسبهم الثوري، ولكنها سوف تأكل من هنا أو هناك ما يكفيها لكي لا تموت، رغم أنها في مرحلة تبدو كأنها تتماوت



هل تستطيع أوروبا مساعدة الشرق الأوسط؟

باتريك سيل
كاتب بريطاني مختص في شؤون الشرق الأوسط
الحياة  الجمعة ٨ مارس ٢٠١٣

المقدمة:
تحوّلات تدور في الشرق الوسط
يشهد الشرق الأوسط أحد أعنف الاضطرابات السياسية منذ قيام الأنظمة العربية الحالية في أعقاب الحرب العالمية الأولى. فقد تمّ إسقاط الأنظمة وتحدّي السلطة في جميع أنحاء هذه المنطقة. وفي بلد تلو الآخر، نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع للمطالبة بالوظائف، ولقمة العيش، والاحترام، وبوضع حدّ للفساد وعنف الشرطة، كما طالبوا بأن يكون لهم رأي أكبر في طريقة تطبيق نظام الحكم. وفي بلدان عربيّة عدّة، فقدت القومية العربية العلمانية صدقيّتَها، فيما عاد الإسلام السياسي الذي تمّ قمعه لفترة طويلة، ليبرز في واجهة المشهد السياسي

الفقرة التلخيصية:
تحصر الموضوع في تقييم تعامل ارويا مع الشرق الوسط و تعلن عن العناصر:
 الصراع العربي الاسرائيلي
الموقف من إيران
الموقف من سوريا


وفي ما يتعلّق بالتعامل مع هذه الأحداث، ظل الاتحاد الأوروبي ينتظر مبادرة الولايات المتّحدة. وبالطبع، لم يخلُ الأمر من بعض الاستثناءات، فعلى سبيل المثل، أدّت فرنسا دوراً أساسياً في قيادة التدخّل الدولي الذي حصل في ليبيا، وأخّيراً في مالي. ولكن، في شكل عامّ، وفي ما يخصّ معالجة المشاكل المهمّة كالصراع العربي - الإسرائيليّ، أو الخلاف مع إيران حول برنامجها النووي، أو الحرب الأهليّة التي زعزعت الاستقرار في سورية إلى حدٍّ كبير، فضّل الاتحاد الأوروبي انتظارَ مبادرة الولايات المتحدة لإيجاد الحلول المناسبة
جسم الموضوع:
العنصر الأول:
الصراع العربي الاسرائيلي
غير أنّه برزت مشاكل ناجمة عن علاقة أميركا الوطيدة مع إسرائيل، إذ تسيطر إسرائيل منذ سنوات عدّة على القرارات التي تتّخذها الولايات المتّحدة في شأن الشرق الأوسط - وقد وافقت أوروبا بخنوع على استمرار هذا الوضع، فأساء ذلك إلى سمعة الكثير من البلدان الأوروبيّة، لا سيّما بريطانيا. وفي ظلّ المناخ المتفجّر الذي نتج عن الثورات العربية خلال العامين الماضيين، حان الوقت لكي تسترجع بريطانيا والاتحاد الأوروبي حريتهما في التعبير والتصرّف حيال المشاكل التي يواجهها الشرق الأوسط.
ويبقى الصراع العربي - الإسرائيليّ الذي تفاقم على مدى 65 عاماً، أحد العوامل التي تسبّب غياب الاستقرار في المنطقة. أمّا اليوم، فيتراجع تدريجاً حلّ الدولتين، إن لم يكن قد تلاشى في الواقع. وينبغي القيام بمحاولة في اللحظة الأخيرة لإعادة إحيائه، وإلا قد تشكل تداعيات انعدام تطبيقه خطراً كبيراً على الشرق الأوسط وعلى المصالح الأوروبية في هذه المنطقة المهّمة.
وتتحمّل بريطانيا من ناحيتها مسؤوليّةً تاريخية عن الوضع المأسويّ الحالي، فبدلاً من أن تلتزم الصمت، ينبغي أن تعترض بصوت عالٍ على القمع الوحشيّ الذي يعاني منه الفلسطينيون - فيما يخضعون للاحتلال في الضفة الغربية، وللحصار في غزّة. وبالطبع، حان الوقت لتشدّد المملكة المتّحدة وشركاؤها الأوروبيون على ضرورة قيام دولة فلسطينيّة قبل فوات الأوان، حتّى وإن كان ذلك يعني تهديد إسرائيل بفرض عقوبات عليها. وبما أنّ الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الرئيسي لإسرائيل، فيمكنه أن يمارس ضغطاً مهمًّاً عليها، إذا كانت لديه الشجاعة والإرادة السياسية لتحقيق ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أنّ المسار الحالي الذي تسلكه إسرائيل هو سلوك انتحاري. فهي دولة صغيرة تعتمد على المساعدات وعلى الحماية التي تقدّمها الولايات المتحدة الأميركيّة بسخاء. غير أنّ بقاء إسرائيل على المدى البعيد يعتمد بالتأكيد على قدرتها على التوّصل إلى اتفاق مع جيرانها العرب والإيرانيين والأتراك. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من طريق التراجع عن سرقة الأراضي الفلسطينية ووضع حدّ لذلك، والسماح بقيام دولة فلسطينيّة صغيرة إلى جانب إسرائيل، يعيش فيها الناس في جوّ من السلام والأمن والرخاء. وتكون نتيجة ذلك قيام علاقات طبيعية بين إسرائيل و22 دولة عربيّة.
منذ عشر سنواتٍ، اقترفت بريطانيا خطأً فادحاً عندما قرّر رئيس الوزراء توني بلير الانضمام إلى الولايات المتّحدة في عمليّة غزو العراق. وتمّ التخطيط لهذه الحرب على يد مجموعة من الموالين لإسرائيل والمحافظين الجدد الذين كانوا يشكّلون جزءاً أساسياً من إدارة الرئيس جورج بوش الابن - لا سيّما بول وولفوفيتز ودوغلاس فيث في «البنتاغون» وديفيد وورمسر في مكتب نائب الرئيس، من بين أشخاص عدّة آخرين. واتّسم الفرنسيون والأتراك بالحكمة الكافية التي حالت دون مشاركتهم في هذه الحرب.
 أمّا إسرائيل، فأرادت تدمير العراق لأنّها اعتقدت أنّه، بعد انتهاء الحرب العراقيّة - الإيرانيّة، قد يشكّل يوماً ما خطراً على الجبهة الشرقية لإسرائيل. لذلك، تمّ تدمير العراق، وهو دولة عربيّة كبيرة، وقُتل مئات الآلاف من مواطنيه، كما تهجّر الملايين أو تمّ ترحيلهم. ولا يزال هذا البلد بعيداً كثيراً من إمكانيّة أن يستعيد استقراره.
ومن بين النتائج التي أدت إليها هذه الحرب، إبعاد السّنة عن السلطة في بغداد واستبدالهم بالغالبيّة الشيعيّة، وتوقّف العراق عن أداء دوره التقليديّ كقوّة سنيّة موازنة للغالبية الشيعيّة في إيران، في منطقة الخليج. وتسبّب ذلك في زرع المخاوف لدى بعض الدول الخليجيّة الأصغر حجماً من احتمال وقوعها تحت الهيمنة الإيرانيّة. إلى ذلك، أثار التحوّل الذي أصاب توازن السلطة الإقليميّة قلقَ المملكة العربيّة السعودية، وهي دولة عربيّة بارزة في المنطقة
العنصر الثاني:
الموقف من إيران

وبعد أن نجحت إسرائيل في إقناع الولايات المتّحدة بتدمير العراق، ركّزت اهتمامها على إيران التي تشكّل منافساً آخر قد يعيق فرض سيطرتها الإقليميّة. وجهدت إسرائيل في إطلاق حملات لإقناع الولايات المتحدة بالانضمام إليها لشنّ هجوم على المنشآت النووية الإيرانيّة - أو حتّى إقناعها بشنّ هذا الهجوم بمفردها. ولم تتردّد إسرائيل في وصف إيران بالدولة الإرهابية وبوصف برنامجها النووي بالخطر الذي يهدد البشرية جمعاء.
وخلال ولايته الأولى، تمكّن الرئيس أوباما من التصدّي للضغط الشديد الذي تمارسه إسرائيل من أجل خوض حرب ضدّ إيران، ولكنّه نجح في ذلك فقط حين فرض عقوبات ذات آثار مدّمرة على إيران، وأجبر الأوروبيين على أن يحذوا حذوه. وساهمت هذه العقوبات في تخفيض صادرات النفط الإيرانية إلى ما دون النصف، وتحطيم عملتها، وفصلها عن البنوك الدوليّة، وتكبيد سكانها خسائر كبيرة.
وفي نهاية المطاف، تظهر الآن بعض العلامات الخجولة لإتباع أسلوب أكثر عقلانية في التعاطي مع الجمهورية الإسلاميّة. ويبدو أنّ المحادثات الأخيرة التي أُجريت في كازاخستان بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا لم تثمر أي حلول نهائية وسيتمّ استكمالها قريباً من خلال إجراء جولة مفاوضات جديدة. أمّا الحلّ الواقعي، فيقضي بالسماح لإيران بتخصيب اليورانيوم على مستوى منخفض لأهداف سلميّة وفقاً لإجراءات «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» الحازمة، مقابل رفع العقوبات عنها.
غير أنّ إسرائيل تسعى لإحباط أيّ تسوية من هذا القبيل، فهي ترغب بإيقاف الصناعة النووية الإيرانية كليًّاً. كما أنّها لا تريد حتّى أن يكتسب أي من جيرانها القريبين أو البعيدين، إمكانيّة التمتّع بقدرة رادعة متواضعة. وكما هو معروف، تملك إسرائيل قوّةً نوويةً كبيرة بفضل ترسانة متطوّرة تحوي أكثر من مئة سلاح نووي، وأنظمة الدفاع المتعدّدة ذات المدى البعيد، إضافة إلى القدرة على إطلاق ضربة ثانية بواسطة الغوّاصات المسلّحة بصواريخ نووية. وترغب إسرائيل في التمتّع بحريّة قصف جيرانها متى أزادت، شرط عدم السماح لهم بالردّ بالمثل إطلاقاً
العنصر الثالث:
الموقف من سوريا

أمّا في سورية، فيبدو أنّ الولايات المتّحدة وبعض حلفائها يتّجهون نحو تزويد مقاتلين من المعارضة بالأسلحة والمعدات. ومن بين هؤلاء المقاتلين الذين يتمتّعون بكفاءة عالية، لا بدّ من ذكر الجماعات الإسلامية المتطرّفة، كـ «جبهة النصرة» المرتبطة بتنظيم «القاعدة». وعليه، تتخّذ الولايات المتحدة وحلفاؤها موقفاً متناقضاً بين سعيهم لمحاربة تنظيم «القاعدة» حول العالم، ودعمهم له في سورية. ولا شكّ في أنّهم سيندمون على ذلك في المستقبل القريب.
 والجدير ذكره هو أنّه ينبغي وضع حدّ للنزاع في سورية بأسرع وقت ممكن، ولن يتحقّق ذلك من خلال تسليح طرف على حساب الآخر، بل من خلال تجريد الطرفين من السلاح. كما يجب أن تفرض الولايات المتحدة وروسيا وقف إطلاق النار، بدعم من كلّ الأطراف الخارجية التي تُشعل لهيب الحرب. وهذا ما تتوق إليه الغالبية الساحقة من الشعب السوري الذي يعاني من جرّاء الحرب في بلده
لا توجد خاتمة







ولسه‏!‏
بقلم: عبدالله عبدالسلام
 الأهرام 7-4-2012
يروي أحد كبار المثقفين المصريين أن زعيم الوفد الراحل مصطفي النحاس كان يتردد علي أحد الأطباء في وسط البلد بالقاهرة بداية الستينيات‏.‏ وكان العديد من المواطنين‏. ما إن يرونه, حتي يتجمعون حوله مرددين: ولا يوم من أيامك يا باشا.. هل يعجبك ما يحدث ؟.. لمن تركتنا؟
كلمة واحدة, كانت رد الباشا علي تلك التساؤلات, هي: ولسه.

مقدمة في شكل طرفة من حياة شخصية وطنية
(توظيف قيمة النجومية)
ويبدو أن ولسه تعبر بشكل عبقري عن واقعنا بحيث لم يعد أحد يتوقع الأفضل بل لسان حاله هو.. ولسه يا ما نشوف.

الانتقال من الطرفة إلى الموضوع، الربط بين الطرفة و الموضوع
و تقوم مقام الفقرة التلخيصية المركّزة مجسمة في عبارة "لسه يا ما تشوف" التي سيتم الإفصاح عن جزئياتها لاحقا
وبعد أن كنا نجزم بأن مصر استعادت كرامتها التي أهدرها النظام السابق من أجل عيون التوريث والبقاء في الحكم, إذا بها تتعرض لما هو أسوأ من إهدار الكرامة, ويخرج منها متهمون أجانب في قضية التمويل الأجنبي عيانا جهارا دون محاسبة من ارتكبوا هذه الجريمة من المصريين.
وعلي رغم إصرار الجنزوري علي أن مصر لن تركع بسبب أزمتها الاقتصادية, إلا أن الشهور المقبلة ستشهد ما هو أسوأ من الركوع مع تبخر الاحتياطي النقدي ورفض المؤسسات الدولية إقراض مصر لأن السادة في البرلمان الذي يسيطر عليه الإخوة من التيار الإسلامي جماعة وسلفيين يرفضون الموافقة علي حصول مصر علي قرض من صندوق النقد لإفشال مهمة الجنزوري. المشكلة أنهم عندما يشكلون الحكومة لن يجدوا من يقرضهم وقد يضطرون للاقتراض بشروط أكثر إذلالا.. ولسه!

ثم إن سادتنا الجدد من التيار الإسلامي يتصرفون كما لو كانت الدنيا قد دانت لهم وحدهم, فلا يريدون مشورة, لأنها ليست ملزمة, وهم يعرفون مصلحة البلاد والعباد ويتمتعون بثقة الشعب, ولذلك يمضون في طريقهم كما صرح بذلك د. سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب رئيس التأسيسية تعليقا علي الانسحابات العديدة من اللجنة. وما حدث بشأن الدستور يحدث في أمور أخري عديدة, وسيحدث عندما يحقق الإخوان بشكل نهائي التمكين الذي تحدثوا عنه طويلا.. ولسه!

ومن السياسة إلي الأمن, لا نجد أفضل من كلمة النحاس باشا, وملابسات مباراة الأهلي والبن البرازيلي تقول لنا إن الأيادي مرتعشة والخوف سمة متخذي القرارات ليس في تلك القضية فقط في شتي مناحي الحياة بمصر المحروسة, فالقيادات الرفيعة والوسيطة لا تجرؤ علي اتخاذ قرار ولا ترغب فيه أصلا. ثم لماذا يغامر أحد في زمن مطلوب فيه أن تظل الأمور كما هي؟.

جسم الموضوع يعدد مختلف المظاهر السيئة من وجهة نظر الكاتب في شكل مواضيع فرعية و كأنك تفتح صندوق لتجد داخله صندوق آخر فيه صندوق أو ما يعّبر عنه بالدمى الروسية...و كأنها دوّامة بلا نهاية.

لاحظوا تكرار "ولسه" في نهاية كل فقرة و هي تسمح بالانتقال من عنصر إلى آخر و توحي بفكرة أن الآتي أعظم...

الأخطر.. أن الناس العاديين أصبح لديهم نفس شعور الزعيم النحاس, وهم ينامون ويستيقظون علي هاجس دائم بأن شرا مستطيرا سيقع, إن لم يكن اليوم فغدا علي أقصي تقدير.
هل كان أحد يتوقع أن يحدث ذلك كله يوم سقط مبارك وانتصرت الثورة؟ أم أننا لم نكن نستحق الثورة ؟ هل نعيش مرحلة الانتهازيين الذين أزاحوا الثوار وجنوا الثمار؟.. ولسه!
الخاتمة: عود على بدء : التذكير بطرفة المقدمة و الانتهاء بكلمة "و لسه" الواردة في العنوان




روسيا في ملعب مصر وأمريكا فقدت شهية الإنخراط
الدكتور عامر السبايله 16-11-2013


مقدمة
لم يعد من الصعب رصد حالة البرود الأمريكي المرتبطة بمنطقة الشرق الأوسط و قضاياها العالقة.

الفقرة التلخيصية تبلور المشكل المعلن في المقدمة و تشير إلى العناصر: وضعية الحلفاء و سيخصص لا حقا عنصر مستقل لكل حليف رغم عدم ذكرهم بالاسم
البعض يرى أن واشنطن بدأت بفقدان شهية الانخراط في مسائل المنطقة, و كأن المشابهات التاريخية تعود بذاكرتنا الى صورة الحالة البريطانية في خمسينيات القرن الماضي, عندما ورثت الولايات المتحدة منطقة الشرق الأوسط سياسياً من بريطانيا العظمى.
منذ اللحظة التي سقط فيها حسني مبارك كان واضحاً أن الولايات المتحدة لم تعد معنية بالحفاظ على حلفائها أو شكل تحالفاتها معهم.
هذا الأمر الذي قد تفسره براغماتية التعامل السياسي التي انتهجتها واشنطن سواء في تأزيم حلفاءها أو في طبيعة التعامل مع بدلائهم.
العنصر الأول من جسم الموضوع:

الحليف المصري
مصر على سبيل المثال  شكلت دوماً الحالة المركزية للمنطقة برمتها لا بل بوصلة التحولات و شكلها. طبيعة تعامل واشنطن مع مصر ما بعد مبارك تجلى اليوم -بعد أكثر من سنتين- بقبول واشنطن خروج مصر من دائرة الحليف الأمريكي التاريخي الأمر الذي خلق مناخات جديدة لدول كبرى مثل روسيا للدخول الى الملعب المصري في واحدة من أهم و أدق مراحل اعادة التموضع المصري و خصوصاً على الصعيد الاقليمي و انعكاساته على محيط مصر العربي.

العنصر الثاني:

الحليف السعودي و الاسرائيلي في علاقة مع الموقف الأمريكي الجديد من الملف السوري و الإيراني
مع وصول الولايات المتحدة الى ضرورة تبني مشروع التسوية السياسية في سوريا و التي تم الوصول اليها عبر التلويح الأمريكي بالضربة العسكرية, دخل معسكر حلفاء أميركا للمرة الثانية -في أقل من ثلاث سنوات- في دوامة الاضطراب السياسي, حيث بدا واضحاً أن التحول في الخطاب الأمريكي تجاه ايران قد خلق حالة من الذعر لدى مجمل أطراف المحور الأمريكي, أما الانفتاح الأمريكي على ايران و الذي يعني ضمناً ترتيب ملف التسوية السياسية في سوريا فقد أنتج حالة من التخبط السياسي لدى الكثيرين في المنطقة بدءً من السعودية و انتهاءً ب “نيتنياهو”. اسرائيل وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع واقع جديد بصورة حذرة و بالتالي كان من الضروري و للمرة الأولى ان يتم ارسال رسائل ذات أبعاد مختلفة تحتوي على مضامين ايجابية بمواكبة التسوية عبر رمزية تراجع نيتنياهو عن خطة بناء مستوطنات جديدة, و اخرى سلبية  تنبئ بتعطيل مجمل التسوية عبر عودة ليبرمان الى الواجهة الأمر الذي يعد ضربة حقيقية لعملية التسوية.
على صعيد آخر, جاء الرد الروسي على موضوع شرعية الرئيس الأسد واضحاً, عبر الاعلان عن مكالمة هاتفية مطولة جمعت الرئيس الأسد بالرئيس بوتين.
 المحور الروسي فضل استثمار أزمة المعارضة السورية و حلفاءها بالمضي قدما في عقد ترتيبات عقد جنيف 2 من جهة و استضافة الوفود من الطرفين الحكومة و المعارضة من اجل الوصول الى نقطة انطلاق التسوية. بهذا يصر المحور الروسي على الظهور بمظهر الطرف الراغب بالتسوية في مواجهة الأطراف المعطلة للحل. الأمر لم يقف عند حدود التسوية في سوريا, فالسيد حسن نصر الله أشار بوضوح في خطابه الأخير الى أن المعطل الرئيس للتسويات في المنطقة هي اسرائيل و التي وصفها بأنها تصاب بحالة من الذعر عندما يتم الحديث عن السلام.
العنصر الثالث:

الحليف الأردني و ما هي تبعات الموقف الأمريكي على الأردن؟
بين سياسات الولايات المتحدة و الموقف السعودي المتشدد تظهر الأزمة الداخلية لحلف محور ما كان يسمى يوماً بمحور “الاعتدال”. مصر قررت تنويع خياراتها عبر الانفتاح على موسكو مما يعني تعميق أزمة الدول الأخرى في هذا الحلف بحكم ان مصر هي القاعدة الرئيسية لهذا المحور.
 الأردن, لاعب رئيسي آخر في هذا المحور, قد يكون على موعد تحديات حقيقية نظراً لعدم قدرة الأردن على انتهاج سياسة تشدد توازي النهج السعودي الحالي, و في نفس الوقت صعوبة التعامل مع البرود الأمريكي تجاه دول محور أصدقاء الولايات المتحدة, مما يعني أن الأردن قد يضطر للتعامل مع ملفات الأزمة و انعكاساتها على داخله, بدءً من الأزمة الاقتصادية و صولاً الى أزمة الاصلاح السياسي و الذي يعني عودة موضوع الاصلاحات السياسية الى رأس الأولويات دون اغفال بلا شك أولوية مكافحة الارهاب الناتج عن تداعيات الأزمة في سوريا و الاقليم.
خاتمة: الاستنتاج الرئيسي للمقال من زاوية الأردن، بلد الكاتب و نظرة مستقبلية : الإصلاحات السياسية ضمانة الأردن
اذاً الأردن بحاجة الى انتهاج سياسة متوازنة بين دوره القادم حيث ان مواجهة الارهاب الاقليمي ترشح بوابة الحدود الأردنية السورية لتكون بوابة المواجهة الرئيسية, لكن في الوقت نفسه الأردن معني تماماً بانجاز اصلاحات سياسية تهيأ المناخات لولادة مشروع ديمقراطي وطني أردني يشكل الضمانة الرئيسية للأردن في مواجهة التداعيات القادمة.