بحث

ريما نزيه صيداني، فيصل عباس، منير الماوري: دور النشر في لبنان وأمريكا تستكتب النجوم لتستقطب شهرتهم وتواجه تدنّي المبيعات.

هل أصبحت الكتابة بمثابة تقليعة تقبل عليها كل حسناء من العارضات والمذيعات؟ هل جمال "الكاتبة" واسمها الرنان أصبح يستهوي القارئ أكثر من بلاغة الكلمة وجمال المفردة؟

أن تجد خبرا عن جميلة مسلسل "باي واتش" التلفزيوني باميلا أندرسون أو الممثل الشاب بين أفليك في احدى المجلات أو الصحف ليس بالأمر المستغرب، حيث لطالما اعتبرت أخبار المشاهير مواد دسمة بالنسبة لمختلف وسائل الاعلام.

لكن ما قد يجده كثيرون غريبا هو أن تجد تحقيقا سياسيا أجراه أفليك بنفسه، أو مقالا كتبته اندرسون أو غيرهما من الأسماء الهوليودية اللاّمعة التي قلبت الصورة، فبدلا من ان يتم تناقل مستجدّات حياتهم العملية والشخصية و التعليقات حولها، أصبحوا هم من يكتبون الأخبار و التحقيقات، و المقالات في صفحات الرأي. 

ريما نزيه صيداني: بعد التمثيل والغناء...صالات التحرير اللبنانية تفتح أبوابها للحسناوات

 

هل أصبحت الكتابة بمثابة تقليعة تقبل عليها كل حسناء من العارضات والمذيعات؟ هل جمال "الكاتبة" واسمها الرنان أصبح يستهوي القارئ أكثر من بلاغة الكلمة وجمال المفردة؟

هذا السؤال يطرح نفسه عندما نرى مقالات تحمل توقيع مذيعة أو عارضة أو ملكة جمال سابقة. وغالبا ما تستقطب صفحات المجلات الاجتماعية هذه الأسماء.

فمجلة ليللينا ضمت الى أسرة تحريرها منذ حوالي ثلاث سنوات، المذيعة يمنى شري و خصّتها بزاوية "اخبارن مع يمنى"، أما هادية سنو مقدمة الفقرة الخاصة بالموضة في برنامج عالم الصباح على تلفزيون "المستقبل"، فدخلت عالم الكتابة في شؤون الموضة و الأناقة من خلال اشرافها على صفحات "أهواء" في صحيفة "المستقبل"، كما أطلقت أخيرا كتابا حول شؤون الموضة وشجونها.

أما عارضة الأزياء لامينة فرنجية والوصيفة الأولى لملكة جمال لبنان و الساعية الى لقب جمالي عالمي، فانضمت الى اسرة مجلة "الرجل" لتبدع من خلال زاوية خاصة بأناقة الرجل، لتطلعه على آخر صيحات الموضة الرجالية و تعطيه الارشادات و التعليمات لتاتي أناقتها لا تشوبها شائبة. اذا المذيعات و العارضات و ملكات الجمال أصبحن "زميلات".

نجوم يكتبون في مجال تخصصهم

وما يجب الإشارة اليه هو أنه على الرغم من الانتقادات لهذه الظاهرة، يغيب على الكثيرين أن الكاتبات الحسنوات يكتبن في مجالهن. فكل من لامينا و شاديا تخصصن في مواضيع الجمال و الموضة و هو المجال الذي أتت كلتاهما منه. أما يمنى شري فهي لا تبتعد عن مجال ال  (أخبار النجوم و المجتمع)، و تغطية الفعاليات و الأحداث و هو الأمر الذي برعت فيه في عملها التلفزيوني في قناة "المستقبل".

وتقول شيري رومانوس مديرة تحرير مجلة "ليالينا" عن انضمام يمنى شري، أنها من "أبرع الصحافيات اللواتي قابلتهن، أقرأ ما تكتبه بشغف. لديها حس صحافي وتعرف كيف تلتقط التفاصيل التي تهم القارئ. مثلا اذا قامت يمنى بتغطية لمهرجان قرطاج، يشعر من قرأ مقالها أنه شخصيا حضر المهرجان، لأنها تطلعه على أدقّ التفاصيل. يمنى "تبدع" في زاويتها التي تتناول فيها أخبار كل الفنانين العرب والمناسبات الفنية العربية، و زاويتها تنشر في كل طبعات المجلة".

و عن خلفية يمنى الصحافية، تقول : "يمنى درست الاعلام و الصحافة، و عملت لسنوات في التلفزيون و قدمت مادة أحبها الناس، هذا يعني انها تدرك اسرار اللعبة الإعلامية و تعرف ماذا يبحث القارئ.

برايي أن الصحافة موهبة و حس، أكثر مما هي مهنة وشهادة و خلفية علمية. أنا بالأساس درست الترجمة وعملت مترجمة لسنوات لكنني اعمل في الصحافة منذ 15 سنة لأنني موهوبة. وما أحب التنويه به، أن أسلوب يمنى صحيح و صياغتها للجملة دقيقة و مقالها شبه خال من الأخطاء اللغوية و أخطاء القواعد.

الاسم وحده لا يسوّق

و يعلق محمود طربيه أستاذ الاعلام و الصحافة في الجامعة اللبنانية الأمريكية : "عادة للمجلات و الصحف زوايا حكر على صحفييها و كتابها أو أشخاص معروفين في مجالهم. لكن الاسم وحده لا يسوّق للوسيلة الإعلامية أو للمقال. المقال يجب أن يأتي بمعلومة جديدة أو رأي لم يسبق للناس أن اطلعت عليه. بعض من يكتب يقوم بعملية اجترار و تجميع معلومات. والناس هنا تلمس أن هذا المقال لا يتضمّن سوى التكرار. يجدر على من يكتب نطبيق حد أدنى من المعايير، أبرزها أن يملك أسلوبا، يخوّله الكتابة وتوصيل الفكرة. الاسم وحده لا يكفي، يجب أن يتضمّن المقال مضمونا ما. من يقرأ زاوية و يكتشف تفاهة محتواها، لن يطلع عليها في المرة المقبلة"، و يضيف "المجلات التي تتطلّع الى استكتاب أناس من خارج المجال الإعلامي، يجب أن تضع نصب عينيها هدفين: أن يأتي هذا الشخص بجديد و أن يكتب ضمن اختصاصه".

وعما اذا كان وجود اشخاص مشهورين، يسوّق للمجلّة يقول " تحويل هؤلاء الأشخاص الى مادة تسويقية بهدف الترويج للمجلة، بغض النظر عن محتوى مقالاتهم، يعني أن المجلة وصلت الى فئة ضيقة من الناس. وصلت فقط الى من يقلب صفحات المجلة عند الحلاق أو في غرفة الانتظار في عيادة الطبيب. وهذه الشريحة لا يتكل عليها إنما يتكل على القارئ المواظب الذي يذهب الى الكشك كل أسبوع أو شهر لشراء العدد الجديد".

وحول ما اذا أصبحت الصحف الى تقديم مضمون يهم القارئ من أهل الاختصاص على أن تتولى هي مهمة الصياغة و الضبط، أي استكتاب عارضة أو اختصاصية ماكياج و بشرة، لكتابة واوية حول هذا الموضوع لأنها متعمقة فيه أكثر من المحررة، و تتولى الصحيفة سبك الصياغة، يقول: «ما من عيب في ذلك، اذا كتب كل في اختصاصه. يجب الاستعانة بهم وفق الشروط التالية: أن يكتب كل في مجاله وأن ياتوا بجديد و أن يراعي المحرر أو مسؤول الصفحة السلوب و صياغة الجملة، وأن يتوافر في المقال عنصر التشويق لجذب القارئ. حينها الناس ستقرأ ما كتبه هذا الطبيب أو هذه الاختصاصية. أما الصحيفة التي تستقطب شخصا ما للكتابة لمجرّد أن اسمه رنان، أو شكله حسن، فهذا الأمر لا يتخطى حدود الفورة أو الموضة وهؤلاء الأشخاص موسميون و موضتهم ستندثر فيما بعد و يأفل نجمهم و "تسطع" أسماء أخرى.

 

المصدر: الشرق الأوسط، الأحد 25-12-2005، العدد : 9889، ص :11.

 

 

 

فيصل عباس، منير الماوري: تدني المبيعات يدفع الناشرين للتفكير في سبل جديدة لجذب القراء

هل قرأتم "مقال" باميلا أندرسون؟

أن تجد خبرا عن جميلة مسلسل "باي واتش" التلفزيوني باميلا أندرسون أو الممثل الشاب بين أفليك في احدى المجلات أو الصحف ليس بالأمر المستغرب، حيث لطالما اعتبرت أخبار المشاهير مواد دسمة بالنسبة لمختلف وسائل الاعلام.

لكن ما قد يجده كثيرون غريبا هو أن تجد تحقيقا سياسيا أجراه أفليك بنفسه أو مقالا كتبته اندرسون أو غيرهما من الأسماء الهوليودية اللاّمعة التي قلبت الصورة، فبدلا من ان يتم تناقل مستجدّات حياتهم العملية والشخصية و التعليقات حولها، أصبحوا هم من يكتبون الأخبار و التحقيقات، و المقالات في صفحات الرأي. 

توجّه مشاهير الفن نحو الكتابة ظاهرة ليست جديدة، ولكنها آخذة في الانتشار خصوصا في الولايات المتحدة وبريطانيا، و حاليا بدأ يظهر في بعض مطبوعات العالم العربي. وهو توجّه يثير انتقاد الكثير من الصحفيين المخضرمين والكلاسيكيين، الذين يخشون من أن يسحب البساط من تحت أقدام أبناء المهنة و يترك المجال لمن ليس لهم خبرة أو احترام للموضوعية و المهنية.

ميكل مور سينمائي وكاتب صحفي

صحيفة ال"الواشنطن بوسط"، كانت انتقدت هذه الظاهرة التي دخلت على ما وصفته بال"مهنة التي كانت تعرف سابقا بالصحافة". الانتقاد جاء في سياق تحقيق كانت أعدّته ال"بوسط" حول استعانة صحيفة ال"يو اس توداي"، بخدمات صانع الأفلام الأمريكي المثير للجدل مايكل مور، المعارض علنا لإدارة الرئيس بوش، و خصصت له عمودا ليكتب عن فعاليات مؤتمر الحزب الجمهوري الذي عقد في مدينة نيويورك أواخر عام 2004.

 

الأمر اثار سخط النقّاد الذين اعتبروا أن تغطية مور ستكون، بحكم مواقفه السابقة، منحازة لصالح الديمقراطيين. كما اعتبروا أن الهدف من اعتماد مور هو لمجرد افتعال الاثارة من قبل صحيفة "اليو اس توداي"، في ذلك الوقت.

إلا أن مايكل مور و على الرغم من أخطائه وانحيازاته في أعماله، يبقى أقل إثارة للانتقادات، كونه مؤلف و صحافي سابق، حيث أسس مطبوعة "فلينت فويس"، و بقي على رأسها لعشر سنين، فيما تنهال الانتقادات بشدة من جهة أخرى على كل من باميلا اندرسون و بين أفليك و المطربة الأمريكية اليشيا كيز، و ذلك لكونهم لا يعرفون شيئا، عن عالم الصحافة الذين ابحروا فيه مؤخرا.

شبكة "فوكس نيوز" نقلت في تقرير لها نشر على موقعها الالكتروني في سبتمبر 2004، عن الأستاذ الجامعي ديك بلود (من جامعة نيويورك)، اعتباره أن بين أفليك لا يتمتّع باي خلفية صحافية أو تدريب على المراسلة...ولا يفقه شيئا عن التوازن و تأكيد المعلومات، و هي الأساسيات التي تهمنا نحن الصحافيين. ويلقي ديك بلود اللوم على الناشرين الذين يعتبر أنهم لا يهتمون بالجودة أو المصداقية، طالما أن الكاتب يجلب لهم المال.

تدني المبيعات وراء استقطاب النجوم

هذا فيما تدافع الصحف والمجلات المعنية عن نفسها، معتبرة أن كل ما يكتبه المشاهير يخضع للتدقيق من قبل مسؤولي التحرير، تماما كما يحدث مع الصحافيين المتخصصين. ويعلّق الكاتب الأمريكي في مجلّة Poets and Writers ، جيف باركز في حديث مع "الشرق الأوسط"، أن المشاهير يختلفون من واحد الى آخر، في أساليب الكتابة، فمنهم من يكتب بنفسه و هم قلة و هناك من يكتب المادة التي يريد، ثم يترك التصحيح و التحرير أو إعادة الكتابة، لأشخاص متخصصين، مقابل أجرة معيّنة، وهناك من يقدّم الفكرة شفويا، ليتولى كاتب متخصص تحويلها الى نص حسب رغبة صاحب الفكرة الأساسية و لكن يوجد ايضا  من مشاهير الممثلين او النجوم من ليس له علاقة بكتابة سوى الاسم اذ أن دور النشر هي التي تسعى اليهم و تعرض عليهم مواد جاهزة، كي تضع أسماءهم عليها، للاستفادة من شهرتهم، و تقديم الفائدة لهم بانهم ليسوا مجرّد نجوم، بل أشخاص قادرون على التفكير و الابداع في مجالات الكتابة. 

ويعتبر باركز النوع الأول والأخير من هؤلاء نادرا، ولكن في رايه أن الكتابة للمشاهير عمل لا غبار عليه، خصوصا ما يتعلّق بسيرهم الذاتية، أو قصص حياتهم، فهو امر مقبول جدا الاستعانة بكاتب متخصص ويستحسن، حتى وان كان دور كاتب القصة مجرّد سر التفاصيل شفويا. و لكن يستحسن ايراد اسم الشخص الذي تولّى الصياغة و هو الأمر الذي تحاول دور النشر تجنّبه و هي ظاهرة غير جيّدة في نظره.

ويأتي هذا التوجّه في وقت تعاني فيه الصحف والمجلاّت الأمريكية من انخفاض في المبيعات. فقد أعلن في الولايات المتحدة عن انخفاض معدل بيع الصحف الأميركية بنسبة 2,6%، خلال الفترة من مارس (أذار) الى سبتمبر (أيلول) الماضيين. 

وأوضحت وكالة أسوشيتد برس AP، أن أرقام جمعية الصحف في أمريكا، تفيد بأن بيع الصحف الأمريكية الصادرة كل أحد، انخفض أيضا، بنسبة 3,1%، خلال نفس الفترة. فيما كانت وكالة أفب AFP ذكرت في العام الماضي أن معدل بيع الصحف انخفض بنسبة 11%، عما كان عليه عام 1990.

ويبدو أن ظاهرة نجوم الصحافة، تلاقي شعبية بالفعل، فبحسب تقرير لقناة "فوكس"‘فإن عروض الكتابة تنهمر على بين أفليك، بعد نشره مقابلة صحافية، مع ابنتي المرشح الديمقراطي السابق للرئاسة الأمريكية، جون كيري لمجلة "هاربرز بازار"، هذا فيما كتبت باميلا أندرسون في آرائها حول القضايا الحياتية المختلفة من قلال مقالاتها الثابتة لمجلتي "جاين" النسائية و "إيلي" الكندية.

وقد أتبعت الحسناء الكندية ذلك بنشر مذكراتها في كتاب. الخطوة نفسها اتبعتها العارضة البريطانية الشهيرة كايتي برايس (المعروفة ب"جوردان") و التي انتقلت من عرض مفاتنها في الصفحة الثالثة من صحيفة ال"صن" الشعبية، إلى كتابة الراي فيها...قبل أن تنشر هي أيضا مذكراتها بعنوان "بيينغ جوردان" (أن أكون جوردان).

أما اليشيا كيز فكتبت في ملحق "سياحة وسفر" لصحيفة "نيويورك دايلي نيوز". وفيما يعتقد البعض بأن عمل كيز بسيط أو سطحي، كأن تقوم بوصف المعالم في البلدان التي تجول عليها في حفلاتها أو خلال الترويج لأعمالها، الا أن المطربة السمراء قدّمت عددا من التحقيقات الجادة، ومن أبرزها تحقيق حول قضية السفر عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) و اثرها على السياحة الأميركية.

 

 

المصدر: الشرق الأوسط، الأحد 25-12-2005، العدد: 9889، ص :11.