بحث

محمد معالي: لا قيمة وثائقية لخبر محرّف أو منقوص

لقد تطوّرت متطلّبات العمل الصحفي والإعلامي عامة، وأصبح التوثيق من مستلزمات الاعلام الحديث وأحد شروط شمول الخبر ودقته. وأصبحت بنوك المعلومات من أهم الركائز التي تعتمدها المؤسسات الإعلامية المتطوّرة.

ضمن هذا الاتجاه بعث في تونس بنك للمعلومات "تانيت"، التابع لوزارة الاعلام، وأقيم بمساعدة مركز الإعلامية وهو يعتمد الإعلامية في تخزين المعطيات، واستعمالها عند الحاجة من طرف أهل الاختصاص.


محمد معالي: لا قيمة وثائقية لخبر محرّف أو منقوص

 

لقد تطوّرت متطلّبات العمل الصحفي والإعلامي عامة، وأصبح التوثيق من مستلزمات الاعلام الحديث وأحد شروط شمول الخبر ودقته. وأصبحت بنوك المعلومات من أهم الركائز التي تعتمدها المؤسسات الإعلامية المتطوّرة.

ضمن هذا الاتجاه بعث في تونس بنك للمعلومات "تانيت"، التابع لوزارة الاعلام، وأقيم بمساعدة مركز الإعلامية وهو يعتمد الإعلامية في تخزين المعطيات، واستعمالها عند الحاجة من طرف أهل الاختصاص.

 

والمؤسسة كفكرة ومسعى لتطوير الاعلام، إيجابية في حدّ ذاتها وبإمكانها أن تكون احدى أوجه النهوض بالإعلام في تونس، خاصة و أنها تطمح حسب إحدى الكتيبات المنشورة، للتعريف بالمركز، أن تصبح "ذاكرة تونس"، و لكن هناك عوائق تمنع هذه الذاكرة من أن تكون وفية للواقع.

 

فالخبر لا يصبح مرجعا ولا يمكن اعتماده لاستقراء التاريخ وأحداثه إلاّ اذا كان موضوعيا وفيا للواقع مستعرضا للأحداث على حقيقتها، دون أي تحريف أو "توجيه"، و هو يفقد قيمته و طابعه التوثيقي، إذا فقد صحّته بل يكون مفعوله عكسيا مغالطا، محرّفا للتاريخ. ونعتقد أن هذا الشرط الأساسي مفقود في بعض المعلومات التي يخزّنها المركز لأنها اعتمدت قنوات اعلام رسمية، لم تكن كل أخبارها صحيحة، خاصة إذا كان للأحداث طابع سياسي.

 

فلو أخذنا مثلا بنك الاحداث السياسية الذي انجز القسط الأول منه لتغطية مرحلة ما بين 1971 و1975، لوجدنا أنه يعتمد قراءة رسمية للأحداث، من خلال قنوات الاعلام الرسمية، لم تكن دائما وفية للواقع وليست موضوعية لكي تكون لها قيمة وثائقية.

 

لقد سألنا "البنك" حول مؤتمر قربة الشهير للاتحاد العام لطلبة تونس، فمدنا برواية تعتمد الموقف الرسمي أنداك والذي مفاده أن المؤتمر أنهى أشغاله بصفة عادية، وانتخب هيئة إدارية وكاتبا عاما الخ...و لم نجد أثرا "للانقلاب" الذي حصل خلال المؤتمر ولا لأي معطيات قد تفسّر أو تلمح إلى أنه منطلق أزمة متواصلة حتى اليوم و منذ 12 سنة. فما قيمة هذا الخبر العلمية، وما قيمة هذه الرواية للأحداث التي تجاوزتها الأطراف الرسمية نفسها. أين هو جانب الموضوعية الضروري الذي يمكّن مثلا الباحث في ازمة الاتحاد، من كل المعطيات حول هذا المؤتمر، لكي يكون بحثه منطلقا من الواقع، وهو الشرط الأوّل لنجاح أي بحث.

 

 

المصدر: جريدة المستقبل (أسبوعية تونسية)، الخميس 10 فيفري 1983، ص : 9.